الجمعة، 29 نوفمبر 2013

تحليل محتوى كتاب ادب الدنيا والدين للماوردي بعد اجراء التعديلات اللازمة

المملكة العربية السعودية                        بسم الله الرحمن الرحيم
وزارة التعليم العالي
الجامعة الاسلامية بالمدينه المنورة
كلية الدعوة واصول الدين
قسم التربية الاسلامية
البرنامج المسائي







تحليل محتوى كتاب
(ادب الدنيا والدين للماوردي)


اعداد الباحث
 عبدالرحمن مرزوق ضيف الله الجهني


إشراف فضيلة الإستاذ الدكتور
عيد الجهني   حفظه الله


العام الجامعي
1434هـ/1435ه









بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8).
 سورة الشرح






  

شكر وتقدير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ....وبعد,,           
  في نهاية هذا العمل اسأل الله ان اكون قد وفقت في آدائه على الوجه المطلوب كما احمده جلا وعلا على إتمامه, فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان, ثم اتوجه بخالص شكري وتقديري لمعلمي الفاضل فضيلة الاستاذ الدكتور عيد الجهني حفظه الله على جهوده التي بذلها طوال الفصل وتوجيهاته الدائمة التي استفدت منها كثيرا وستفيدني في حياتي العلمية والعملية القادمة إن شاء الله تعالى فجزاه الله عني خيرا ونفع به وبعلمه, والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين,,,









الفصل الأول
الإطار العام للبحث
مقدمة :
     الحمد لله ذو العطاء والإحسان ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام ، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم المعاد                    وبعد:                                 
    إن التراث الإسلامي مليء بالمضامين والدرر في جميع المجالات والفنون ، وقد أولى علماء المسلمين التربية والتأديب عناية خاصة في مؤلفاتهم ومصنفاتهم .
فألفوا كتباً كثيرة المضامين تضمنت موضوعات نافعة ودرر نفيسة في التربية والتعليم والتعامل مع الأبناء وأخلاق المعلمين والمتعلمين .. إلى غير ذلك من الموضوعات التي كم نحتاجها اليوم في بيوتنا ومدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا, فإذا كان كذلك فكان لزاماً أن نستخلص ونستنبط تلك المؤلفات المضامين التربوية التي تضمنتها كتب التأديب والتربية عند علماء المسلمين بشكل عام وعلماء السلف بشكل خاص . 
     وتفيد دراسة الفكر التربوى عند علماء المسلمين فى توضيح كيف عالج علماء التربية المسلمون موضوعاتهم التربوية، وفى رسم صورة لتطور التأليف التربوى عند المسلمين، كما أنه يساعد أيضاً فى أن نرتاد أفاقاً جديدة للبحث فى التربية الإسلامية من حيث الموضوعات ومناهج البحث وإعداد الباحثين لهذا الميدان.
   حتى جاء عصرنا الحاضر الذي انتشر فيه الشر والفساد, وكثرت الجرائم الأخلاقية والسلوكية, ووفدت من المجتمعات الغربية المفككة, أفكار ونظريات تربوية هدامة للأخلاق إلى المجتمعات الإسلامية, وانخدع كثير من المسلمين بخلابتها الزائفة المسمومة, وتأثروا بها تأثراً كبيراً.
ولما اشتد الأمر , وأصبح العالم الإسلامي في عناء شديد , وضياع كبير في محاضن التربية الغربية , مست الحاجة إلى العناية التامة, والاعتماد المباشر على الأصول الإسلامية في بناء أنظمته التربوية,  والاستفادة من آراء العلماء المسلمين البارزين, الذين تمثلوا الدين الإسلامي حقيقة واقعية, وطبقوه تربية عملية.
ومن هنا جاءت أهمية بيان الأفكار, والآراء, والأساليب التي خلفها العلماء المسلمون الأفاضل على مر القرون .
وهذا هو ما يحاول الباحث عمله من خلال تحليل المحتوى لأحد الكتب النافعة النفيسة في هذا الباب ، وهو كتاب : ( أدب الدنيا والدين للماوردي ) . 
                سائلاً المولى عز وجل التوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه .
موضوع البحث :
إن المجتمع المسلم له مبادئه التربوية المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتي تحقق مصلحة الفرد والمجتمع بشرط التمسك بتلك المبادئ والعمل بها ، ولا يعني هذا عد الاستفادة من أي فكر تربوي بشرط أن لا يخالف الأصول والثوابت الإسلامية  .
وقد بين المربون المسلمون من خلال مصنفاتهم وكتاباتهم كثيراً من تلك المبادئ والأفكار التربوية والتي استمدوها واستخلصوها من الكتاب والسنة ، فكان لهم الفضل بعد الله عز وجل في حل المشكلات التربوية والاقتصادية والاجتماعية التي اعترضتهم في ذلك العصر .
ومن هنا كان لزاماً علينا كباحثين تربويين أن نهتم بهذا التراث الذي تركه أولئك الأفذاذ ونستفيد منه في قضايانا التربوية ولنستخلص منها النظريات التربوية التي تناسبنا كمجتمع يدين بالإسلام ، بدل أن نتجه إلى الغرب والشرق لنأخذ منهم نظرياتهم المادية النفعية التي قد لا تصلح لمجتمع يجعل القرآن والسنة له مصدراً للتشريع .
والإمام الماوردي أحد رجالات الفكر والذي كان له باع طويل في مجال التربية على وجه الخصوص ، لذا كان اختيار كتابه التربوي النافع : أدب الدنيا والدين وتحليل محتواه كما طلب منا فضيلة الاستاذ الدكتور :عيد الجهني حفظه الله. 

  تساؤلات البحث :
يتمحور البحث حول السؤال الرئيس التالي :
§      ماهي المضامين التربوية المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي؟
    وللإجابة على هذا التساؤل أورد الباحث التساؤلات الفرعية التالية  :
      1_من هو مؤلف كتاب أدب الدنيا والدين ، وما سيرته الذاتية ؟
      2_ماذا تعرف عن كتاب ادب الدنيا والدين وما قيمته التربوية؟
      3_ما المضامين التربوية المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين في الجوانب( التعليمية _التعبدية_ الأخلاقية_النفسية_ الاجتماعية _الجسمية) ؟ وما التطبيقات التربوية المستفادة في تربية الأبناء ؟    

أهداف البحث :       يهدف البحث بشكل عام إلى :
بيان المضامين التربوية المستنبطة من كتاب ادب الدنيا والدين للماوردي, ويمكن تحديد اهداف الدراسة في النقاط التالية:
1_التعريف بالإمام الماوردي ، وإبراز سيرته الذاتية .
2_التعرف على كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي و إبراز القيمة التربوية له .
3_الوقوف على عدد من المضامين التربوية والإيمانية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية والجسمية الذي احتواها كتاب أدب الدنيا والدين والاستفادة منها في تربية الأبناء .
أهمية البحث :
 للبحث أهمية يمكن إجمالها في النقاط التالية :
1_البحث في كتب التراث خطوة نحو التأصيل الإسلامي الذي نحتاج إليه وخاصة في عصرنا الحالي .
2_الإمام الماوردي له الكثير من الآراء والأفكار التربوية النافعة التي يجدر الاستفادة منها .
3_المضامين مقسمة إلى عدة جوانب : نفسية ، واجتماعية ، وتعليمية ..الخ ، مما يسهل الاستفادة منها وتطبيقها.
4_يحوي البحث على بعض التطبيقات والمأخوذة من كتاب أدب الدنيا والدين والتي من الممكن الاستفادة منها وتطبيقها .
5_يعد البحث خطوة نحو عمل مؤسسي يجمع أعلام التربية الإسلامية .
منهج البحث :
استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي الذي عن طريقه يمكن معالجة مثل هذه الدراسات النظرية التي تتعامل مع النصوص المدونة ويقصد به : (الطريقة التي يقوم فيها الباحث ببذل أقصى جهدٍ عقلي ونفسي عند دراسة النصوص بهدف استخراج فوائد تربوية  أو اجتماعية أو نفسية أو نحوها مدعمة بالأدلة الواضحة)
 واتبع الباحث في بحثه الخطوات الإجرائية التالية  :
1_قراءة كتاب أدب الدنيا والدين قراءة متأنية تحليلية .
2_ استنباط المضامين التي احتواها الكتاب .
3_توزيع تلك المضامين على الجوانب التربوية التعليمية والإيمانية والجسمية والاجتماعية والنفسية وغيرها .
4_اقتراح تطبيقات تربوية لبعض المضامين المستنبطة والاستفادة منها في تربية الأبناء .
5_توثيق المراجع والمصادر التي استفاد منها الباحث .
وقد قسم البحث كالتالي:
1_الفصل الاول:الاطار العام للبحث.
2_الفصل الثاني:التعريف بمؤلف الكتاب.
3_الفصل الثالث :التعريف بالكتاب وقيمته التربوية.
4_الفصل الرابع :المضامين التربوية المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين وتطبيقاتها في تربية الأبناء.
5_الفصل الخامس: الخاتمة (النتائج _التوصيات_المقترحات).
حدود البحث :
 للبحث حدود موضوعية تتمثل في : تحليل محتوى كتاب أدب الدنيا والدين والتعريف بمؤلفه الماوردي، واستنباط اهم المضامين التربوية وتوضيح التطبيقات التربوية المستفادة من الكتاب في تربية الأبناء .
مصطلحات البحث:
مضامين:
التعريف اللغوي: جاء في لسان العرب: المضامين ما في بطون الحوامل من كل شئ كأنهن تضمنه ,وقال ابو عبيدة :المضامين: هي ما في اصلاب الفحول, وهي جمع مضمون ,ومنه قولهم :مضمون الكتاب كذا وكذا[1] ,"والمضمون المحتوى ومنه مضمون الكتاب : مافي طيه ,ومضمون الكتاب فحواه وما يفهم منهى والجمع مضامين"[2]
التعريف الإصطلاحي التربوي: تعرف المضامين التربوية في العملية التربوية بأنها:
"كافة المغازي والأنماط والأفكار والقيم والممارسات التربوية التي تتم من خلال العملية التربوية لتنشئة الأجيال المختلفة عليها وتحقيقا للأهداف التربوية المرغوب فيها"[3]
ويعرف الباحث المضامين بأنها: ما يمكن استنباطه من الأهداف والأساليب والمعاني التربوية في الجوانب التعليمية والتعبدية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية التي اشتمل عليها واحتواها كتاب ادب الدنيا والدين للماوردي.
الدراسات السابقة :
من اهم الدراسات السابقه التي اطلع عليها الباحث وقد تناولت كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي والتي يمكن الاستفادة منها في بعض التطبيقات التربوية :
1_دراسة خديجة محمد الجيزاني: الآراء التربوية للماوردي من خلال كتابه أدب الدنيا والدين " دراسة تحليلية نقدية"
       أطروحة ماجستير – كلية التربية بجامعة أم القرى – الفصل الثاني ( 1407 هـ ).
       وقد عرفت الباحثة بالماوردي ثم تناولت جانبين فقط ، وهما : العلم والأخلاق ، كما أنها لم تذكر أي تطبيقات تربوية لتلك المضامين المستنبطة .
       فالباحثة هنا ركزت على جانبين فقط من المضامين ، في حين أن هذا البحث سيتطرق إلى جوانب أخرى : إيمانية واجتماعية ونفسية وجسمية .
2_دراسة خليل أبو العينين : قراءة تربوية في فكر أبي الحسن البصري الماوردي من خلال كتاب أدب الدنيا والدين.
       تناول في هذه الدراسة التعريف بالماوردي ، ثم تطرق إلى التكليف والإنسان في فكر الماوردي ، والمعرفة والأخلاق والمجتمع والتعليم عند الماوردي . 
       وهنا أيضاً لم يتطرق الباحث إلى الجوانب النفسية والجسمية عند الماوردي . 
3_دراسة نادية جمال الدين :والتي جاءت تحت عنوان "حوار حول كتاب ادب الدنيا والدين لأبي الحسن الماوردي البصري _كدراسة منشورة بكتاب بعنوان :"مدارس التربية في الحضارة الاسلامية, دراسة نظرية تطبيقية "
والتي جاءت بمطلعها انها تهدف الى محاولة التعرف على ما قدمه الماوردي في كتابه ادب الدنيا والدين من آراء حول التعلم والعلم والتعليم ,وما ينبغي ان يكون عليه الانسان المتعلم خاصة او الانسان المسلم عموما ,من خلق وما يجب ان يتصف به سلوكه والوسيلة الى هذا او ما يمكن اعتباره تصوره عن الانسان في زمانه والوسيلة الى إعداده , والهدف من هذا الاعداد.
4_الآراء التربوية للماوردي كما جاءت بكتابه أدب الدنيا والدين, إعداد/سعيد اسماعيل القاضي ,استاذ أصول التربية المساعد (كلية التربية بأسوان_ جامعة جنوب الوادي).


  
الفصل الثاني
التعريف بمؤلف الكتاب
 ترجمة الماوردي :
إن الحديث عن ترجمة أي علم من الأعلام عند الحديث عن آرائه أو أفكاره أو توجهاته عأأعل
.. الخ ، مهم جداً لمعرفة خلفية هذا العالم وموروثاته ، وما هي البيئة التي عاش بها والمؤثرة في تلك الآراء والأفكار .
وفي هذا الفصل سأتحدث عن شيء من سيرة الماوردي رحمه الله ، وسأتحدث عن تلك السيرة من عدة جوانب جاءت كالتالي :  اسمه ونسبه – مولده ونشأته – عصره وبيئته – سبب شهرته بابن قيم – طلبه للعلم – مؤلفاته – شيوخه وتلامذته – وفاته رحمه الله .
المبحث الأول : اسمه ومولده ونبذة عن حياته :
 " هو الإمام العلامة أقضى القضاة ، أبو الحسن : علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي الشافعي ، صاحب التصانيف " [4]
 " ولد الماوردي في البصرة سنة 364هـ ، وفيها نشأ وتلقى تعليمه ، وقضى شطراً مهماً من حياته فيها.... ثم ارتحل إلى بغداد ,واستوطن درب الزعفراني وأخذ الفقه عن شيخها أبي حامد الإسفرايني ..وعاد الى بغداد ليستأنف التدريس والتأليف ولقب اقضى القضاة سنة429هــ واختير سفيرا بين الخليفة وبني بوية ثم بين الخليفة والسلاجقة "[5]
 وقد عرفه ابن كثير بقوله : " القاضي الماوردي صاحب الحاوي الكبير ، علي بن محمد بن حبيب ، أبو الحسن الماوردي البصري ، شيخ الشافعية ، صاحب التصانيف الكثيرة في الأصول والفروع والتفسير والأحكام السلطانية ، وأدب الدنيا والدين .
قال بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة ، يعني : ( الحاوي الكبير ) ، واختصرته في أربعين ورقة ، يعني : ( الإقناع ) ،  وقد ولي الحكم في بلاد كثيرة " [6] .
وجاء في شذرات الذهب : " الماوردي أقضى القضاة ، أبو الحسن ، علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي ، مصنف ( الحاوي ) و ( الإقناع ) و ( أدب الدنيا والدين ) ، وكان إماماً في الفقه ، والأصول ، والتفسير ، بصيراً بالعربية ، ولي قضاء بلاد كثيرة ، ثم سكن بغداد ، وعاش ستاً وثمانين سنة " [7]
وقد جاءت تسميته بالماوردي نسبة " إلى بيع الماورد وعمله ، واشتهر جماعة من العلماء بهذه النسبة لأن بعض أجداده كان يعمله أو يبيعه  ، منهم أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري .... وأبو غالب محمد بن الحسن بن علي الماوردي البصري " [8] والمتوفى سنة 525 هـ ، و" المبارك بن فارس أبو منصور الماوردي : حدث بدمشق بجزء الأنصاري عن قاضي المرستان " [9] ، وذكر الذهبي في كتابه ( العبر في خبر من غبر ) لما تحدث عمن توفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة فقال : " وابن مسرور أبو حفص ... قال عبدالغافر : هو أبو حفص الفامي الماوردي الزاهد الفقيه ، كان كثير العبادة والمجاهدة ، كانوا يتبركون بدعائه ، وعاش تسعين سنة ، ومات في ذي القعدة " [10] .
وقد تولى الماوردي القضاء في بلدان كثيرة وكان رئيساً القضاء في كورة " ستوا " من ناحية نيسابور ، ولتبرح الماوردي في الفقه لقبوه أقضى القضاة سنة 429 هـ ، على الرغم من اعتراض بعض الفقهاء .
وكان الماوردي بالإضافة إلى فقهه وعلمه رجلاً سياسياً بارعاً له وجاهة ورأي عند الأمراء والسلاطين ، وقد اختير سفيراً بين الخليفة وبين بني بويه ، ثم بينه وبين السلاجقة ، وفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ( 428 هـ ) ، وقعت الفرقة بين جلال الدولة وبين نائبه أبي كاليجار حتى جمع جلال الدولة جيشاً كبيراً ودخل بغداد وأخذها قهراً ثم اصطلح هو ونائبه أبو كاليجار على يدي الإمام الماوردي [11].
وفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ( 435 هـ ) أصلح الإمام الماوردي أيضاً بين الملك طغرلبك وبين جلال الدولة ، فتلقى طغرلبك الإمام الماوردي على أربعة فراسخ إكراماً للخليفة القائم بأمر الله الذي أرسل الماوردي ، فلما عاد إلى الخليفة أخبره بطاعته وإكرامه لأجله [12].
المبحث الثاني :  أخلاقه وصفاته :
 المتأمل في مؤلفات الماوردي يتبين له غزير علمه وجزيل فضله ، بالإضافة إلى مكانته حيث ولي القضاء وكانت له جهود سياسية كما سيأتي .
وأما أخلاقه فقد وصفه ابن كثير بقوله : " وكان حليماً وقوراً أديباً ، لم ير أصحابه ذراعه يوماً من الدهر من شدة تحرزه وأدبه " [13] .
وقال عنه ابن الجوزي رحمه الله : " وكان وقوراً متأدباً لا يرى أصحابه ذراعه ، وكان ثقة صالحاً " [14] .
ونقل ابن حجر العسقلاني كلاماً عنه لابن خيرون يقول فيه : " كان رجلاً عظيم القدر متقدماً عند السلطان أحد الأئمة ، له التصانيف الحسان في كل فن من العلم " [15] .
وكان رحمه الله ورعاً لا يفتي بما لا يعلم ، ومما يدل على ورعه وتواضعه ما حكاه عن نفسه في كتابه أدب الدنيا والدين حين قال : " ومما أنذرك به من حالي أنني صنفت في البيوع كتاباً جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس ، وأجهدت نفسي ، وكددت خاطري ، حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به ، وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعاً بعلمه ، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان ، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل ، لم أعرف لواحدة منهن جواباً ، فأطرقت مفكراً ، وبحالي وحالهما معتبراً .
فقالا : أما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة ؟
قلت : لا .
فقالا : واهاً لك ، وانصرفا ، ثم أتيا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي ، فسألاه ، فأجابهما مسرعاً بما أقنعهما ، وانصرفا راضيين بجوابه ، حامدين لعلمه ، فبقيت مرتبكاً ، وبحالهما وبحالي معتبراً ، وإني لعلى ما كنت عليه من المسائل إلى وقتي ، فكان ذلك زاجر نصيحة ، ونذير عظة ، تذلل بها قياد النفس ، وانخفض لها جناح العُجب ، توفيقاً منحته ورشداً أوتيته " [16] .
 وفي المقابل كان الماوردي قوياً في الحق ينكر المنكر وإن كان في شأن الأمراء والسلاطين، ويدل على ذلك موقفه حين أراد جلال الدولة أن يزيد في ألقابه لقب ( شاهنشاه ) أي ملك الملوك المعظم ، لجأ إلى كبار الفقهاء لاستصدار فتوى منهم بجواز اللقب حتى بتقبلها العامة ، فأفتى له بعض الفقهاء بجواز ذلك ، إلا أن الماوردي شدد في الفتوى بالمنع وعدم والجواز ، على الرغم من أن الماوردي كان من خواص جلال الدولة وبينهما صحبة خاصة ومودة .
فاستدعاه جلال الدولة فلما دخل عليه قال له :  " قد علمت أنه إنما منعك من موافقة الذين جوزوا ذلك مع صحبتك إياي ، ووجاهتك عندي ، دينك ، واتباع الحق ، وإن الحق آثر عندك من كل أحد ، ولو حابيت أحداً من الناس لحابيتني ، وقد زادك ذلك عندي محبة ومكانة "[17] .
المبحث الثالث :  عصره وبيئته :
 إن دراسة أي شخصية من الشخصيات لها أثر في ناحية من نواحي الحياة ، لا بد من دراسة الظروف المحيطة بها ، والبيئة التي كانت تعيش فيها ، ومن المعلوم أن الشخص يتأثر بالأحوال والظروف المحيطة به ، كما يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها .
ولذا كان لابد لنا ونحن ندرس سيرة الماوردي الفكرية والتربوية ومنهجه في التأليف ، أن نلقي نظرة على عصره الذي كان يعيش فيه ، والبيئة التي تحيط به ، لنعرف كيف أثرت تلك البيئة على فكره ومؤلفاته .
لقد عاش الماوردي في الفترة ما بين ( 364 هـ - 450 هـ ) ، حيث امتدت حياته ما بين نهاية القرن الرابع الهجري ومنتصف القرن الخامس الهجري  .

المبحث الرابع :  رحلاته العلمية  :
     لم تكن للإمام الماوردي رحلات في طلب العلم ، وإنما كان تنقله بين البصرة وبغداد ، فقد خرج من البصرة – مسقط رأسه – إلى بغداد مرتحلاً إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني .
كان له أثناء تواجده في البصرة أو بغداد حلق علم ، وكان له تلاميذ يتلقون عنه ويدرسون عنده.
وقد أرجع الباحث ذلك عدم تنقل الماوردي لغير البصرة وبغداد لطلب العلم إلى مكانة المدينتين – وخاصة بغداد– العلمية وأنها كانت في ذلك الوقت منبر الثقافة والعلم ، فيها من العلماء والفضلاء والأدباء ما يغني عن الانتقال منها لطلب العلم .
وإن كان هذا لا يعني أن العلم محصور فيها ، ولكن لعل هذا كان سبباً لعدم انتقال الإمام الماوردي لغير تلك المدينتين – بغداد والبصرة – والاكتفاء بما حصله من علم فيهما . 
المبحث الخامس :  شيوخه وتلاميذه  :
   تلقى الإمام الماوردي العلم في كل من البصرة وبغداد ، وكان له فيهما شيوخ وتلاميذ ، أما شيوخه فمنهم :
أ_في الفقه :
1_أبي القاسم الصيمري ، وهو : عبدالرحمن بن الحسين الصيمري ، سكن البصرة ، وكان حافظاً حسن التصانيف ( ت : 386 هـ ) .
2_أبي حامد الإسفراييني ، أحمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني ، قيل أنه كان يحضر درسه سبعمائة فقيه ، وكان يقال له : ( الشافعي الصغير ) ، توفي سنة ( 406 هـ ) .
ب_ في الحديث :
1_الحسن بن علي بن محمد الجبلي صاحب أبي خليفة الجمحي ، حدث عنه جماعة منهم الماوردي .
2_محمد بن عدي بن زحر المنقري .
3_محمد بن المعلى الأزدي .
4_جعفر بن محمد بن الفضل البغدادي المعروف بـ " ابن المارستاني " .
5_عبدالله بن محمد البخاري ، أبو محمد البافي ( نسبة إلى باف ، قرية من قرى خوارزم ) توفي سنة ( 398 هـ ) .
وأما تلاميذه ، فمنهم :
1_الخطيب البغدادي : أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، صاحب ( تاريخ بغداد ) توفي سنة    ( 463 هـ ) .
2_عبدالواحد بن عبدالكريم بن هوازن ، الملقب بـ " ركن الإسلام " ، سمع الحديث من جماعة منهم الماوردي ، توفي سنة ( 494 هـ )
3_أحمد بن علي بن بدران ، أبو بكر الحلواني ، سمع الحديث من القاضي أبي الطيب والماوردي ، توفي سنة ( 507 هـ ) .
4_أبو العز بن كادش : أحمد بن عبيدالله المعروف بـ " ابن كادش العكبري " ، من شويخ ابن عساكر ، وهو آخر من روى عن الماوردي ، توفي سنة ( 526 هـ ) .
المبحث السادس :  مؤلفاته  :
اشتهر الماوردي بالإضافة لغزير علمه بكثرة التأليف ، وغزارة الإنتاج ، يذكر الخطيب البغدادي عن الماوردي أن : " له تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه وفي غير ذلك " .
وقد ذكر الدكتور صلاح الدين بسيوني في كتابه الفكر السياسي عند الماوردي بأنه : " لم يبق لنا من هذه المؤلفات إلا اثنى عشر مؤلفاً ، ويمكن تصنيف مؤلفات الماوردي في ثلاث مجموعات : دينية ، ولغوية أدبية ، وسياسية اجتماعية .
 أولاً / الكتب الدينية : 
1_كتاب تفسير القرآن ، ويسمى النكت والعيون – وجدت له طبعة عام 1993 م ( دار الكتب العلمية ، ويقع في ست مجلدات ، وثلاثة آلاف واثنان وثلاثون صفحة 3032 صفحة .
2_كتاب الحاوي الكبير : موسوعة فقهية ، اشتهر الماوردي بهذا الكتاب حتى أن ابن كثير لما عرفه قال : " القاضي الماوردي صاحب ( الحاوي الكبير ) " [18] ، ثم نقل ابن كثير كلاماً للماوردي يقول فيه : " بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة ، يعني : ( الحاوي الكبير) واختصرته في أربعين ورقة ، يعني : ( الإقناع ) ، وقد وجدت له طبعتان ، الأولى لدار إحياء التراث في 22 مجلداً ، والثانية : لدار الكتب العلمية (1414هـ )  في 20مجلداً .
3_كتاب الإقناع : وهو مختصر لكتاب الحاوي الكبير قدره مؤلفه – كما سبق – بأربعين ورقة 
4_كتاب أعلام النبوة : وهو كتاب يبحث في أمارات النبوة التي هي حاجة من حاجات العقيدة ، وذلك بأدلة مدارها العقل وحده ، وجدت له طبعة لدار الكتب العلمية ( 1406هـ ) في 216 صفحة
5_كتاب في البيوع : وهو من الكتب المفقودة ولم يذكره المؤرخون ، بل ذكره هو في معرض كلامه في كتابه أدب الدنيا والدين حين قال : " ومما أنذرك به من حال أنني صنفت في البيوع كتاباً ..... " [19] .
ثانياً : الكتب السياسية :
يجدر الذكر هنا أن الإمام الماوردي يعتبر من الفقهاء السياسيين ، وقد تقدم معنا علاقاته مع السلاطين وإرساله سفيراً للإصلاح بين الأمراء والسلاطين إضافة لعمله كقاضي لبعض الديار، ولذا لا يستغرب عليه مصنفاته التي صنفها في هذا الفن ، فهو عالم خبير بأمور السياسة ، ومن كتبه في هذا الفن ما يلي :
1_كتاب الأحكام السلطانية : يعتبر كتاب الأحكام السلطانية بحث فيما يطلق عليه اليوم القانون الدستوري ، ويعد مرجعاً لكل من يكتب في مبادئ الحكم عند المسلمين، وقد ترجم الكتاب للغات عدة ( كما ذكر ذلك مصطفى السقا في مقدمة تحقيق كتاب أدب الدنيا والدين ) ، وقد وجدت طبعة الكترونية بدون أن تدون عليها أي بيانات.
2_قوانين الوزارة وسياسة الملك : وجدت له طبعة لمكتبة الخانجي بالقاهرة باسم ( أدب الوزير للماوردي ) ، وهو فصول رائعة في آداب الوزارة ورسومها وأحكامها وما للوزير وما عليه .
3_كتاب تسهيل النظر وتعجيل الظفر : يقول الإمام الماوردي في مقدمة هذا الكتاب : " وجعلت ما تضمنه بابين ، فالباب الأول : في أخلاق الملك ، والباب الثاني : في سياسة الملك، وقد وجدت طبعة لهذا الكتاب عام 1981م – دار النهضة العربية ببيروت – تحقيق: محي هلال السرحان .
4_كتاب نصيحة الملوك : وهو في سياسة الملك وقواعده ، وقد وجدت طبعة للكتاب لمكتبة الفلاح ( 1403هـ ) – تحقيق الشيخ / خضر محمد خضر . 
ثالثاً : الكتب اللغوية والأدبية :
1_كتاب في النحو : يقول الشيخ / خضر محمد خضر في مقدمته لكتاب نصيحة الملوك : " وكتاب النحو هذا لم يصل إلينا ، وقد قال عنه ياقوت : رأيته في حجم الإيضاح ، والإيضاح كتاب في النحو لأبي علي الفارسي المتوفى سنة 377 هـ " .
2_كتاب الأمثال والحكم : وهو كتاب أدبي جمع فيه مختارات في عشرة فصول تتضمن ثلاث مئة حديث ، وثلاث مئة حكمة ، وثلاث مئة بيت شعر ، يقول الإمام الماوردي في مقدمة هذا الكتاب : " وجعلت ما تضمنه من السنة ثلاثمائة حديث ، ومن الحكمة ثلاثمائة فصل ، ومن الشعر ثلاثمائة بيت ، وقسمت ذلك عشرة فصول ، أودعت كل فصل منها ثلاثين حديثاً ، وثلاثين فصلاً ، وثلاثين بيتاً ... " ، وقد وجدت طبعة لدار الوطن بالرياض(1420هـ) – تحقيق : الدكتور / فؤاد عبدالمنعم أحمد .
3_ كتاب ( أدب الدنيا والدين ) الذي هو مدار حديثنا .
المبحث السابع: العوامل المؤثرة في فكر الماوردي :
تأثر فكر الماوردي بالعديد من العوامل المحيطة به و السائدة في عصره واهم هذه العوامل هي : 
1_العامل السياسي : فقد عاش الماوردي في ظل أوضاع سياسية مضطربة , جاءت مع تفكك وضعف الدولة العباسية . حيث بدأت حياته مع بداية حكم الطالع له : الذي استمر سبع عشرة سنة , وازدادت في عهده حالة البلاء سوءاً . ووقع الخلاف بين السنة والشيعة . ودخل عضد ألدوله البويهى بغداد , وعزل القادة وتولي السلطة .
ثم قام بهاء الدولة وقبض على الخليفة وأهلكه سنة 991م . وتولى الخلافة القادر بالله : الذي بقى فيها مدة أربعين سنة . وكان الحكم في عهده بيد البويهيين .. ثم القائم بأمر الله : الذي أصبحت في عهده الدولة العباسية تحت حكم السلاجقة , والذين اتصل بهم الخليفة للخلاص من البويهيين , لقد تحولت بغداد العاصمة إلى مسرح للشغب والفوضى , وانحلت الدولة انحلالا تاماً [20].
وقد أثر ذلك التفكك والاضطراب السياسي , والخلاف بين السنة والشيعة على كتابات الماوردي . فكان يفند الخلافات في الرأي ويرد عليها , بغية إحقاق وإظهار الصواب , ولا  تأخذه في الحق لومه لائم . كما خصص العديد من مؤلفاته لإصلاح الحكم والحكام , وضمنها الآداب التي يجب أن يتحلى بها الحاكم . وهي - كما سبقت الإشارة - تسهيل النظر في سياسة الحكومات , والأحكام السلطانية , وسياسة الملك , ونصيحة الملوك , وقانون الوزارة أو أدب الوزير .[21]
كما ضمن كتابه أدب الدنيا والدين ما يلزم سلطان الأمة وحكامها من واجبات , وما للسلطان والحاكم من حقوق على الرعية .
2_ العامل الاجتماعي والحياة الاجتماعية : فقد ظهرت طبقة اجتماعية هي مزيج من العرب والترك والفرس والروم , نتيجة امتزاج العرب بالشعوب المغلوبة , أو الشعوب النازحة , أو المحتلة , لسبب من الأسباب . ولقد انفتح المجتمع العباسي على حضارات تلك البلدان[22] .
ومن هنا جاءت كتابات الماوردي مزيجاً من الثقافات الوافدة . سواء أكانت فارسية أم هندية أم يونانية أم غير ذلك . وكلها متجاورة مع ما هو عربي وإسلامي . كما أراد لذلك المزيج من الأجناس أن يعيش في تالف ووئام , وفي مجتمع يقوم على الألفة والمؤاخاة . فكتب -في كتابه أدب الدنيا والدين - فصولاً عن الألفة وأسبابها , أو العوامل المؤدية إليها.
3_العامل الفكري(الحياة الفكرية) : فقد شهد العصر العباسي حركة ناشطة في مختلف مجالات الفكر والثقافة . فقامت هناك نهضة شاملة , بدأت بمرحلة النقل والاقتباس , من الثقافات الأجنبية - كما سبقت الإشارة - من هندية وفارسية وسريانية ويونانية .
وكانت بغداد هي عاصمة هذه النهضة الفكرية والعلمية . فلم يمض على تأسيسها زمن طويل عندما أتيح للعالم العربي أن يقف على أهم ما كتب أرسطو وأفلاطون وجالينوس وغيرهم . فسهلت بغداد بذلك على طلاب العلم الإطلاع على ما أنتجه العالم وما وصل إليه من تطور علمي وفكري وبعد مرحلة النقل والاقتباس – هذه – أنتقل العرب إلى مرحلة الابتكار[23] .
والناظر المتأمل , لكتاب الماوردي , أدب الدنيا والدين , على سبيل المثال , يراه مزيجا من ثقافة العصر العامة السائدة , كما يتجلى فيه حصاد الثقافات الوافدة ... فبالإضافة إلى أقوال وأشعار وأخبار حكماء العرب وشعرائهم المشهورين , وأخبار الصحابة والمحدثين , والفقهاء والمتصوفة من المسلمين , قبل زمان الماوردي وفي زمانه , تتردد في صفحات الكتاب أيضا أسماء عامر بن الظرب وجعفر بن أبي طالب وأبي هريرة ومعاوية ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان والحسن البصري , وغيرهم . كما تتردد إلى جوارها أسماء وأقوال أمثال بزر جمهر والاسكندر , على سبيل المثال . كما تكثر الأقوال التي يطلق عليها أقوال الحكماء , ويمكن إرجاعها بسهولة إلى آراء فلاسفة اليونان المشهورين .
4_العامل الديني :  فكان أشد العوامل أثراً في فكر الماوردي , وأكثرها وضوحاً في كتاباته . فذلك - على سبيل المثال - كتابه الحاوي في الفقه , المكون من اثنتين وعشرين مجلدا , ضمنه فتاويه في الطهارة والوضوء والصلاة والصيام والزكاة والحج .. فكان حاوياً - حقاً - لم يلزم المسلم من معرفة لأمور دينه , وما ينفعه في دنياه وأخراه .
والمتصفح لكتابه أدب الدنيا والدين , يراه لا يخلو موضوع من موضوعاته بل تكاد لا تخلو صفحة من صفحاته , من استشهاد من كتاب الله ومن سنة نبيه r  , ويراه مليئاً بما ينادي به الإسلام من قيم وفضائل.
المبحث الثامن :  وفاته  :
توفي الإمام الماوردي يوم الثلاثاء ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة ( 450 هـ ) ، ودفن يوم الأربعاء في مقبرة باب حرب، وصلى عليه تلميذه النجيب الخطيب البغدادي في جامع المدينة، وكان قد بلغ ستاً وثمانين سنة [24]
"وحضر جنازته من حضر جنازة القاضي ابي الطيب الطبري ,من العلماء والرؤساء وارباب الدولة اذ صادفت وفاته بعد وفاة ابي الطيب بأحد عشر يوما"[25]



الفصل الثالث
التعريف بالكتاب وقيمته التربوية
المبحث الأول : اسم الكتاب وطبعاته :
وقد اشتهر هذا الكتاب باسم " أدب الدنيا والدين " وجميع طبعات الكتاب الآن تجعل هذا الاسم عنواناً للكتاب.
إلا أنه قد ورد اسم آخر للكتاب ، أوردته الباحثة : خديجة الجيزاني في بحثها : الآراء التربوية للماوردي من خلال كتابه أدب الدنيا والدين ، وقد ذكرت أن الكتاب كان باسم : " البغيا العليا في أدب الدين والدنيا " وأنه حديثاً عرف باسم " أدب الدنيا والدين " .
وقد أورد الدكتور / صلاح الدين بسيوني رسلان ، في كتابه : الفكر السياسي عند الماوردي، في حديثه عن مؤلفات الماوردي ، أورد هذا الكتاب باسم : البغية العليا في أدب الدين والدنيا .
وقد جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي عند التعريف بالماوردي : "..وله تفسير القرآن سمّاه ( النكت )و( أدب الدنيا والدين)"،وقد جاء في الحاشية على هذا العنوان: "ويسمى أيضاً :(البغية العليا في أدب الدين والدنيا ) . " [26].
يقول الماوردي في مقدمته لهذا الكتاب : "... أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ شَرَفَ الْمَطْلُوبِ بِشَرَفِ نَتَائِجِهِ، وَعِظَمِ خَطَرِهِ بِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ، وَبِحَسَبِ مَنَافِعِهِ تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهِ، وَعَلَى قَدْرِ الْعِنَايَةِ بِهِ يَكُونُ اجْتِنَاءُ ثَمَرَتِهِ، وَأَعْظَمُ الْأُمُورِ خَطَرًا وَقَدْرًا وَأَعُمُّهَا نَفْعًا وَرِفْدًا مَا اسْتَقَامَ بِهِ الدِّينُ وَالدُّنْيَا وَانْتَظَمَ بِهِ صَلَاحُ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى؛ لِأَنَّ بِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ تَصِحُّ الْعِبَادَةُ، وَبِصَلَاحِ الدُّنْيَا تَتِمُّ السَّعَادَةُ..."
بعض طبعات الكتاب والطبعة المعتمدة في البحث  :
  طبع الكتاب عدة طبعات كان أولها عام 1299 هـ ، في مطبعة الجوائب في اسطنبول بتركيا.
_يقول الدكتور / علي خليل مصطفى في كتابه : ( قراءة تربوية في فكر أبي الحسن البصري الماوردي ) : " وقد طبع الكتاب -أي : أدب الدنيا والدين – عدة طبعات منها : طبعة الجوائب 1299 هـ ، وطبعة مع التحقيق والشرح – مصطفى السقا – طبع عام 1955 م ، وقد طبعت هذه الطبعة أربع طبعات آخرها ببيروت 1978 ، ثم طبع في آخر طبعة له في بيروت بشرح محمد كريم راجح " .
_ولأهمية الكتاب وقيمته ، كانت وزارة المعارف بمصر قد قررته على طلابها بالمدارس الثانوية ،وطبعته طبعة خاصة.
 وأما الطبعات الحديثة فمنها : طبعة الدار المصرية اللبنانية ( 2000 م ) – طبعة دار ابن حزم ( 2005 م ) – طبعة دار النفائس ( 2010م ) .
 وهناك طبعة باللغة الفرنسية ( 1999 م ) – دار الفكر .
 وللكتاب شرح بعنوان : ( منهاج اليقين شرح أدب الدنيا والدين )  ، لأويس وفا محمد بن أحمد الأرزنجاني – المعروف بـ : خان زاده .
الطبعة المعتمدة في البحث :
 أما الطبعة المعتمدة في البحث فهي طبعة : مكتبة عباد الرحمن – مصر ( 1428 هـ ) .
 حققها وعلق عليها : أبو بلال ، جمال عبدالعال .
يقع الكتاب – في هذه الطبعة – في 472 صفحة مع المقدمة والفهرس .
وتتميز هذه الطبعة بالمميزات التالية ( من مقدمة المحقق )  :
1_ضبط الأحرف وتشكيلها وخاصة الأحاديث والأشعار .
    2_تخريج أحاديث الكتاب بالرجوع لكتب الشيخ العلامة محمد الألباني رحمه الله .
    3_وضع عناوين في متن الكتاب زيادة في الإيضاح .
     4_جعل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار بخط مختلف لتتميز عن سائر الكتاب.
المبحث الثاني : منهج المؤلف في تأليف الكتاب ومحتوياته :
ذكر المؤلف في مقدمة كتابه ( أدب الدنيا والدين ) منهجه في تأليف الكتاب حيث قال في المقدمة : " وقد توخيت بهذا الكتاب الإشارة إلى آدابهما – أي : الدين والدنيا – وتفصيل ما أجمل من أحوالهما ، على أعدل الأمرين من إيجاز وبسط ، أجمع فيه بين تحقيق الفقهاء وترقيق الأدباء فَلَا يَنْبُو عَنْ فَهْمٍ، وَلَا يَدِقُّ فِي وَهْمٍ مستشهداً من كتاب الله جل اسمه بما يقتضيه ، ومن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يضاهيه ، ثم متبعاً ذلك بأمثال الحكماء ، وآداب البلغاء ، وأقوال الشعراء لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَرْتَاحُ إلَى الْفُنُونِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَسْأَمُ مِنْ الْفَنِّ الْوَاحِدِ ,وقد قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه :إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فاهدوا اليها طرائف الحكمة وفكأن هذا الاسلوب يحب التنقل في المطلوب من مكان الى مكان..." [27].
_عن الكتاب :
يحوي الكتاب على جمل بديعة وفوائد جميلة ومتنوعة، تنقل المؤلف في موضوعاته مستشهداً على كل موضوع بما يناسبه من الآيات والأحاديث وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم والصالحين ، وناقلاً لأقوال الشعراء والأدباء ، والفلاسفة والحكماء ، والسلاطين والأمراء ... الخ .
وقد أعاد المؤلف سبب هذا التنوع في كتابه إلى أن :" القلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة وتسأم من الفن الواحد..." والكتاب كما ذكر المؤلف في مقدمته مقسم إلى خمسة أبواب :
1_الباب الأول : في فضل العقل وذم الهوى : تحدث فيه عن العقل وأنه أس الفضائل ، وتحدث عن الذكاء والتفكير وذم الهوى وأضراره .
2_الباب الثاني : في أدب العلم : وفيه الكثير من الآراء التربوية ، بل يمكن اعتباره كله في التربية والتعليم ، فقد ذكر فيه أدب العالم مع المتعلم وأدب المتعلم مع العالم ، وموانع التعلم والتعليم ، والتعليم المستمر ، وغير ذلك من الآراء التربوية المفيدة .
3_الباب الثالث: في أدب الدين : تحدث في هذا الباب عن التكليف والحكمة منه ، والحكمة من فرض بعض الفرائض كالصلاة والصيام ، ومحاسبة النفس والاعتبار بغرور الدنيا وسرعة زوالها .. الخ .
4_الباب الرابع : في أدب الدنيا : وفيه يعرض لأصول اجتماعية وأخلاقية ، كالألفة وأسباب التآلف بين الناس ، والسخاء والبذل ، والأخذ من الدنيا بقدرها ، ووجوه المكاسب .. الخ.
5_الباب الخامس : في أدب النفس : تحدث المؤلف في هذا الباب عن تأديب النفس وأسباب الكبر والإعجاب بالنفس ، والحياء ، والحلم والغضب ، إلى غير ذلك من الموضوعات المفيدة والقيمة.
والملاحظ في الكتاب كثرة الأحاديث التي استدل بها المؤلف في جميع الموضوعات والآراء التي طرحها.
المبحث الثالث : قيمة الكتاب التربوية :
إن محتويات الكتاب ذات أهمية بالغة ، وخاصة للفكر التربوي ، فهو مليء بالآراء والأفكار التربوية النافعة ، ولا يكون الشخص مبالغاً إذا وسم الكتاب بأنه كتاب تربوي .
 وهناك عدة نقاط تدلل على أن الكتاب يعتبر من الكتب التربوية ، منها :
1_كلمة أدب في عنوان الكتاب ( أدب الدنيا والدين ) ، وعبارة الأدب من الناحية اللغوية تدل على التربية  ، يقول ابن منظور في ( لسان العرب ) : " الأدب : الذي يتأدب به الأديب من الناس ، سمي أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد ، وينهاهم عن المقابح " ، ويقول الفيروز آبادي في القاموس المحيط : " وأدبه : علمه ، فتأدب واستأدب
2_عرّفت التربية الإسلامية اصطلاحاً بأنها : تنشئة الإنسان شيئاً فشيئاً في جميع جوانبه وفق المنهج الإسلامي ابتغاء سعادة الدارين .
وإذا قارنا هذا التعريف بما ذكره الماوردي في مقدمة الكتاب لوجدنا ترابطاً وتشابهاً كبيراً بينهما ، بل نستطيع أن نقول أنه يريد أن يصل لنفس الهدف التي تريد التربية الإسلامية أن تصل إليه ، حيث قال في مقدمته : " وأعظم الأمور خطراً وقدراً وأعمها نفعاً ورفداً ، ما استقام به الدين والدنيا ، وانتظم به صلاح الآخرة والأولى ، لأن باستقامة الدين تصح العبادة ، وبصلاح الدنيا تتم السعادة " .
4_إفراد المؤلف باباً كاملاً للعلم والتعلم ، سماه :باب في أدب العلم .
5_سرد الدكتور / خالد الحازمي في مقدمة كتابه ( أصول التربية الإسلامية ) بعض الكتب التربوية ، فقال : "  كتب في التربية والأخلاق : ... وذكر منها  أدب الدنيا والدين ، للماوردي " . 
مآخذ الكتاب:
اهم ما يؤخذ عل الكتاب هو الاستدلال الكثير بالأحاديث الضعيفة بل حتى الموضوعة والمنكرة، كما جاء في التحقيق لطبعة مكتبة عباد الرحمن للمحقق : جمال بن عبدالعال الطبعة المعتمدة في البحث ,وقد أرجع الدكتور ( علي خليل مصطفى) ذلك إلى منهج المؤلف بالنسبة لأحاديث وأخبار المعاملات ، حيث يقول في كتابه ( قراءة تربوية في فكر أبي الحسن البصري الماوردي ) : " ويبدوا أن هذا يتفق مع منهجه بالنسبة لأحاديث وأخبار المعاملات ، فهو يقول ( في كتابه أدب القاضي ) : فأما أخبار المعاملات فلا تراعى فيها عدالة المخبر ، وإنما يراعى فيها سكون النفس إلى خبره ، فتقبل من كل بر وفاجر ،ومسلم وكافر ، وصغير وبالغ .... ".

  

الفصل الرابع
المضامين التربوية المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين  وتطبيقاتها في تربية الأبناء
مدخل :
    إن كتاباً مثل كتاب أدب الدنيا والدين يحتاج إلى جهد كبير وعمل ليس بالسهل لاستنباط جميع مضامينه ، فهو يعتبر من الكتب الرائعة النافعة في مجال التربية والتعليم بالإضافة إلى القضايا الأخرى والتي يمكن استنباط مضامين منها في مجالات متنوعة ، كالجانب الإيماني والنفسي والجسمي ... الخ .
ومن هنا سيستعرض الباحث في هذا الفصل بعض المضامين التربوية في كل جانب من تلك الجوانب ، وفقاً للآتي : المضامين التعليمية – المضامين الإيمانية – المضامين العقلية – المضامين الجسمية – المضامين النفسية .
المبحث الأول :  المضامين التربوية التعليمية :
إن أول آية  نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي: " اقرأ " ،وفيها حث على طلب العلم والاهتمام به.
وقد أولى الإمام الماوردي موضوع العلم عناية خاصة ويكفي أن نذكر أنه أفرد للعلم باباً ، وهو الباب الثاني من كتابه : أدب الدنيا والدين والموسوم  بباب : (في أدب العلم), واهم ما يمكن استنباطه في الجانب التعليمي ما يلي:
1_شرف العلم وفضله :
إن للعلم فضل وشرف لا يوازيه شيء آخر ، لذا حث الله عز وجل في كتابه وحث الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وتقريراته على طلب العلم والعناية به .
وقد أكد ذلك الإمام الماوردي في قوله : " اعلم أن العلم أشرف ما رغب فيه الراغب ، وأفضل ما طلب وجدّ فيه الطالب ، وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسب ، لأن شرفه ينم على صاحبه ، وفضله ينمي عند طالبه ، قال تعالى : " قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون " ، فمنع سبحانه من المساواة بين العالم والجاهل ، لما قد خص به العالم من فضيلة العلم " [28].
قال الماوردي : "وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعِلْمُ شَرَفٌ لَا قَدْرَ لَهُ، وَالْأَدَبُ مَالٌ لَا خَوْفَ عَلَيْهِ. و قال بعض الأدباء : العلم أفضل خلف، والعمل به أكمل شرف"وقال" قال بعض الأدباء:العلم افضل خلف,والعمل به اكمل شرف [29].
2_استمرارية التعليم :
العلم لا نهاية له ، بل هو كما قيل:من المهد إلى اللحد ، ويقول الماوردي: "قال بعض العلماء : لو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته كنا قد بدأنا العلم بالنقيصة ،ولكنا نطلبه لننقص في كل يوم من الجهل ،ونزداد في كل يوم من العلم.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُتَعَمِّقُ فِي الْعِلْمِ كَالسَّابِحِ فِي الْبَحْرِ لَيْسَ يَرَى أَرْضًا، وَلَا يَعْرِف طُولًا وَلَا عَرْضًا. وقيل لحماد الراوية : أما تشبع من هذه العلوم ؟
فقال : استفرغنا فيها المجهود ، فلم نبلغ منها المحدود ، فنحن كما قال الشاعر :      إذا قطعنا عَلَماً بدا علمُ"[30] 
3_التخصص :
ينادي علماء اليوم بأهمية التخصص ، بل أصبحنا نسمع كثيراً عن التخصص الدقيق ، وهذا لا يعني أن لا يكون لك علم وثقافة في شتى العلوم ، ولكن إعطاء أحد العلوم أكبر وقتك هو ما ينادي به علماء اليوم .
يقول الإمام الماوردي : " واعلم أن كل العلوم شريفة ، ولكل علم منها فضيلة ، والإحاطة بجميعها محال .
قيل لبعض الحكماء : من يعرف كل العلوم ؟ ، فقال : كل الناس " [31] .
4_تنوع الأساليب التربوية :
إن لتنوع الأساليب التربوية أهمية كبيرة في العملية التربوية والتعليمية ، فهي تعتبر عامل تشويق، فالموعظة التي تحتوي على القصة وضرب الأمثال والعبرة المؤثرة ... الخ تكون أكثر وقعاً من الأسلوب الأحادي أو الموعظة المجردة .
وكتاب أدب الدنيا والدين قد راعى هذا الجانب من تنوع الأساليب ، وهذا لا يحتاج منا إلى مزيد انتباه أو استنباط ،لأن هذا ديدن الكتاب في مجمله ، بل قد صرح المؤلف بذلك في مقدمته لهذا الكتاب حيث ذكر منهجه في تأليف الكتاب فقال : " .. مستشهداً من كتاب الله – جل اسمه – بما يقتضيه ، ومن سنن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بما يضاهيه ، ثم متبعاً ذلك بأمثال الحكماء ، وآداب البلغاء ، وأقوال الشعراء ، لأن القلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة وتسأم من الفن الواحد ... " [32] .
وقد استخدم المؤلف عدة أساليب تربوية يجب على المعلمين والمربين الاهتمام بها ، ومن هذه الأساليب  :
1_الترغيب والترهيب : أشار المصنف إلى أحد أساليب التربية الإسلامية المستنبطة من الكتاب والسنة ، حيث ذكر في معرض كلامه عن الرسول صلى الله عليه وسلم : " فبلغهم رسالته ، وألزمهم حجته ، ..... فكان وعده ترغيباً ، ووعيده ترهيباً ، لأن الرغبة تبعث على الطاعة ، والرهبة تكف عن المعصية .. " [33].
2_ضرب الأمثال : وهذا تجده كثيراً في هذا المصنف ، فكثيراً ما يذكر الماوردي رحمه الله عبارة : " والعرب تقول : .... " ثم يورد أحد أمثال العرب والمتعلقة بالموضوع الذي يتحدث عنه ، ومن ذلك قوله : " والعرب تقول : القصد والدوام وأنت السابق الجواد " [34] . وفي موطن آخر : " والعرب تقول : من قل ذل " ، وموطن ثالث بقوله : " وقد قيل في المثل : كل إناء ينضح بما فيه " .
3_القصة : وقد أورد المؤلف رحمه الله قصصاً كثيرة في هذا الكتاب ، ولا شك أن القصص من الأساليب الشيقة النافعة وخاصة للصغار ، ونذكر هنا أمثلة على إيراد المؤلف لبعض القصص ، منها ما أورده أثناء حديثه عن الرياء ، قال  " وحكى الأصمعي أن أعرابياً صلى فأطال .... " ، وفي موطن آخر في حديثه عن الزهد قال : " وقال سعيد بن المسيب : مر بي صلة بن أشيم ، فما تمالكت أن نهضت إليه .... " ، وفي موطن ثالث وفي أثناء حديثه عن الزهد أيضاً ، قال : " وحكى الأصمعي رحمه الله قال : دخلت على الرشيد – رحمة الله عليه – يوماً وهو ينظر في كتاب ودموعه تسيل على خده ... " .
4_التشبيه : قال الإمام الماوردي : " وقد قالت الحكماء : طالب العلم وعامل البر ، كآكل الطعام إن أخذ منه قوتاً عصمه ، وإن أسرف فيه أبشمه ، وربما كان فيه منيته ، كآخذ الأدوية التي القصد فيها شفاء ومجاوزة الحد فيها السمّ المميت " [35] ، وفي موطن آخر شبه زلة العالم بغرق السفينة التي تهلك خلقاً كثيراً معها ، فقال : " فقد قيل في منثور الحكم : زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير .. " [36]
5_التربية بالقدوة :
إن المتربي يقتدي بمربيه في الخطأ والصواب ، ومن هنا كانت أهمية القدوة وخطورتها في نفس الوقت ، فكم من مترب اقتدى بمعلمه أو والده في أمور لا تحسن فهلك ذلك المتربي وانحرف .
وقد نبه الماوردي في كتابه على ذلك في أكثر من موضع منها قوله في حديث له عن العالم : " وقد قيل في منثور الحكم : زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير ، وقيل لعيسى ابن مريم عليه السلام : من أشد الناس فتنة ؟ ، قال : زلة العالم إذا زل هلك بزلته عالمٌ كثير " [37]
ويقول في موطن آخر في حديث له عن قبح العجب عند العلماء : " وهو بكل أحد قبيح ، وبالعلماء أقبح ، لأن الناس بهم يقتدون وَكَثِيرًا مَا يُدَاخِلُهُمْ الْإِعْجَابُ لِتَوَحُّدِهِمْ بِفَضِيلَةِ الْعِلْمِ ..." .
6_آداب المعلم :
يجدر على المتصدر للتعليم أن يتحلى بجميل الآداب وعذب الصفات والأخلاق ، فمن الآداب التي يجب على المعلم أن يتحلى بها أثناء قيامه بالتعليم الإخلاص وابتغاء وجه الله عز وجل، وبذل العلم لطالبه ، وأن يسهل على طلابه سبل العلم ، وأن ينصحهم ، ويرفق بهم ، ويحببهم في العلم ليرغبوه .
وقد نبه الماوردي رحمه الله على تلك الآداب في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) ، ففي الإخلاص ، قال رحمه الله : " ومن آدابهم ( أي العلماء ) : أن يقصدوا وجه الله تعالى بتعليم من علّموا ، ويطلبوا ثوابه بإرشاد من أرشدوا..." [38]، ويقول في موطن آخر ناقلاً قول سفيان الثوري رحمه الله : " وقد حكي عن سفيان الثوري أنه قال : تعلمنا العلم لغير الله تعالى فأبى أن يكون إلا لله . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: طَلَبْنَا الْعِلْمَ لِلدُّنْيَا فَدَلَّنَا عَلَى تَرْكِ الدُّنْيَا."[39]
وقد حث الماوردي رحمه الله العلماء والمعلمين على التفاني في بذل العلم ، وأن لا يبخل العالم بعلمه على طلابه ، فقال رحمه الله : " ومن آداب العلماء أن لا يبخلوا بتعليم ما يحسنون ، ولا يمتنعوا من إفادة ما يعلمون ، فإن البخل به لومٌ وظلم ، والمنع منه حسد وإثم .. "[40].
ولما كان على العالم أن يبذل ما علمه لطلابه ، كان لا بد أيضاً أن يكون بطلابه رفيقاً ودوداً ، ينصح لهم ، ويبين لهم سبيل التعلم ، ويحببهم في العلم قد المستطاع .
يقول الماوردي رحمه الله : " ومن آدابهم ( أي : العلماء ) : نصح من علّموه ، والرفق بهم ، وتسهيل السبيل عليهم، وبذل المجهود في رفدهم ، ومعونتهم ، فإن ذلك أعظم لأجرهم ، وأسنى لذكرهم ، وأنشر لعلومهم ، وأرسخ لمعلومهم .. " [41].
ويقول أيضاَ : " ومن آدابهم ( أي : العلماء ) : أن لا يعنفوا متعلماً ، ولا يحقِّروا ناشئاً ، ولا يستصغروا مبتدئاً  ، فإن ذلك أدعى إليهم ، وأعطف عليهم ، وأحث على الرغبة فيما لديهم "[42].
وفي أهمية تحبيب المتعلمين في العلم يقول رحمه الله : " ومن آدابهم ( أي : العلماء ) : أن لا يمنعوا طالباً ، ولا ينفروا راغباً ، ولا يؤيسوا متعلماً ، لما في ذلك من قطع الرغبة فيهم ، والزهد فيما لديهم ، واستمرار ذلك مفضٍ إلى انقراض العلم بانقراضهم .. "[43].
والملاحظ في الكتاب أن المؤلف رحمه الله وكأنه طبق هذه الآداب على نفسه أثناء تأليفه ، فتجد في ثنايا الكتاب -وخاصة عند مواطن النصح  والإرشاد والوعظ – تجد كثيراً ما يبتدئ المؤلف النصيحة بدعاء للقارئ ، وهذا يدل على فقه الماوردي وحرصه على طلابه ومن يقرأ كتابه ورفقه بهم .
يقول رحمه الله في أحد مواطن التذكير : " فاعتبر – ألهمك الله الشكر ووفقك للتقوى – إنعامه عليه فيما كلفك ، وإحسانه إليك فيما تعبدك ... " [44].
ويقول في موطن آخر : " فينبغي – أحسن الله لك بالتوفيق – أن لا تضيع صحة جسمك وفراغ وقتك بالتقصير في طاعة ربك ، والثقة بسالف عملك ... "[45].
  ويقول في موطن ثالث : " واعلم – جعل الله العلم حاكماً لك وعليك ، والحق قائداً لك وإليك – أن الدنيا إذا وصلت فتبعات موبقة ، وإذا فارقت ففجعات محرقة .... " [46].
7_تعليم الكبار ( محو الأمية ) : ينشغل البعض عن التعليم  ، إما بسبب طلب الرزق أو لأسباب أخرى ، فإذا بالسنين تمر عليه دون تعلم أو تعليم ، وهنا نجد أن الدول في العصر الحديث اهتمت بهذه الفئة ، سعياً منها لتعويضهم الفرصة التي فاتتهم ، وهو ما يسمى اليوم بـ ( محو الأمية ) أو ( تعليم الكبار ) .
وقد حث الماوردي - في كتابه -  كبار السن على التعلم فالإنسان – كبيراً كان أم صغيراً – لا بد أن يتعلم ، يقول رحمه الله : " وربما امتنع الإنسان من طلب العلم لكبر سنه ، واستحياءً من تقصيره في صغره أن يتعلم في كبره ، فرضي بالجهل أن يكون موسوماً به ، وآثره على العلم أن يصير مبتدئاً به .
وهذا من خدع الجهل وغرور الكسل ، لأن العلم إذا كان فضيلة فرغبة ذوي الأسنان فيه أولى ، والإبتداء بالفضيلة فضيلة, ولأن يكون شيخاً متعلماً أولى من أن يكون شيخاً جاهلاً .“[47].
8_التدرج في التعلم :
إن لكل فن من فنون العلم أسس لا بد على طالب العلم أن يبتدئ بها ، فلا يستعجل الوصول فيتخبط ، وحتى تتقبله النفس ، وهذا موجود في كتاب الله عز وجل ، فالخمر مثلاً لم تحرم جملة واحدة ، وإنما بتدرج .
يقول الماوردي رحمه الله : " واعلم أن للعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها ، ومداخل تفضي إلى حقائقها ، فليبتدئ طال العلم بأوائلها ، لينتهي إلى أواخرها ، وبمداخلها ليفضي إلى حقائقها.
ولا يطلب الآخر قبل الأول ، ولا الحقيقة قبل المدخل ، فلا يدرك الآخر ولا يعرف الحقيقة ، لأن البناء على غير أسٍ لا يُبنى ، والثمر من غير غرس لا يُجتنى ... "[48].
9_مبدأ الترويح عن النفس حال التعليم : بعد أن أوصى الماوردي بقيادة النفس وسياستها , بحيث يتم التوسط والاعتدال في زمن الدرس , أوصى بالترويح عن النفس فقال : " فإذا استصعب على قيادة نفسه , ودام منه نفور قلبه , مع سياستها ومعاناة رياضتها , تركها ترك راحة , ثم عاودها بعد الاستراحة , فإن إجابتها تسرع وطاعتها ترجع  "
المبحث الثاني : المضامين التربوية المستنبطة في الجانب التعبدي :
افرد المؤلف رحمه الله باب في الدين اسماه  (في ادب الدين) وهو الباب الثاني ,ويمكن استخلاص اهم المضامين التربوية المتعلقة بالجانب التعبدي وهي كما يراها الباحث كالتالي:
1_أصول الدين :
إن الله عز وجل الذي ارتضى لنا الإسلام ديناً لم يتركنا هملاً ، بل أنزل علينا كتابه وأرسل لنا رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون القرآن والسنة هما مصدرا التلقي والتشريع .
وقد قرر الماوردي هذا الأمر في كتابه حيث قال  : " فصار الكتاب أصلاً ، والسنة فرعاً ، واستنباط العلماء إيضاحاً وكشفاً .... " [49].
إلا أن الماوردي رحمه أخطأ – بحسب ما يرى الباحث – في عبارته عن السنة بأنها فرع ، ومعلوم أن السنة وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو أصل كما أن القرآن أصل ، فهما مجتمعين مصدري التشريع ، لذا قال المولى عز وجل : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ، فهو مشرع في أقوال وأفعاله وتقريراته ، فلا يصح – برأي الباحث – أن نوسم السنة بأنها فرع .
2_العبادات وآثارها التربوية :
فرض الله علينا بعض العبادات والفرائض ورتب عليها الأجر العظيم والجزاء الوفير ، وتلك الفرائض التي فرضها عز وجل لا تخلو من حكمة أراد الله بها أن يزكي نفوسنا ويطهرها من الدنس.
وقد" فرض الله تعالى الصيام وقدمه على زكاة الأموال ، لتعلق الصيام بالأبدان  ... ثم لما في الصوم من قهر النفس وإذلالها ، وكسر الشهوة المستولية عليها ، وإشعار النفس ما هي عليه من الحاجة إلى يسير الطعام والشراب ، والمحتاج إلى الشيء ذليل به " [50].
" ثم فرض زكاة الأموال وقدمها على فرض الحج ، لأن في الحج مع إنفاق المال سفراً شاقاً ، فكانت النفس إلى الزكاة أسرع إجابة منها إلى الحج .. في أداء الزكاة من تمرين النفس على السماحة المحمودة ومجانبة الشح المذموم ... "[51].
" ثم فرض الحج فكان آخر فروضه ، لأنه يجمع عملاً على بدن وحقاً على مال .... فكان في إيجابه تذكير ليوم الحشر في مفارقة المال والأهل ، وخضوع العزيز والذليل في الوقوف بين يديه ، واجتماع المطيع والعاصي في الرهبة منه والرغبة إليه ... " [52].
المبحث الثالث : المضامين التربوية المستنبطة في الجانب الأخلاقي :
ذكر الماوردي رحمه الله في مصنفه ( أدب الدنيا والدين )  الكثير من الصفات الخلقية ، حاثاً على الأخلاق الحميدة ومنفراً من الأخلاق الذميمة ، ومن ذلك :
1- الحث على حسن الخلق والتحذير من سوء الخلق :
ذكر المؤلف في الباب الأخير من الكتاب بعض الفصول والتي تحدث فيها عن بعض الأخلاق والآداب ، وقد أفرد أحد هذه الفصول لحسن الخلق وما جاء فيه ، فقال : " فصل : في حسن الخلق: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله تعالى اختار لكم الإسلام ديناً ، فأكرموه بحسن الخلق والسخاء ، فإنه لا يكمل إلا بهما " ، وقال الأحنف بن قيس : ألا أخبركم بأدوأ الداء ؟ قالوا : بلى ، قال الخلق الدنيء واللسان البذيء ..... فإذا حسنت أخلاق الإنسان كثر مصافوه ، وقل معادوه ، فتسهلت عليه الأمور الصعاب ، ولانت له القلوب الغضاب, وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:(حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار "[53].
2_مجانبة الكبر والإعجاب :
حذر الماوردي في كتابه من الكبر والإعجاب ، وعلل ذلك بقوله : " لأنهما يسلبان الفضائل ، ويكسبان الرذائل ، وليس لمن استوليا عليه إصغاء لنصح ، ولا قبول لتأديب,لأن الكبر يكون بالمنزلة والعجب يكون بالفضيلة, فالمتكبر يجلّ نفسه عن رتبة المتعلمين ، والمعجَب يستكثر فضله عن استزادة المتأدبين ...اما الكبر فيكسب المقت ويلهي عن التأليف ويوغر صدور الإخوان وحسبك بذلك سوءا عن استقصاء ذمه .ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أنهاك عن الشرك بالله والكبر ,فإن الله يحتجب منهما )
وقال اذدشير بن بابك:ما الكبر الا فضل حمق لم يدر صاحبه اين يذهب به فيصرفه الى الكبر" [54].
3_الحياء :
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياء شعبة من الإيمان ، فهي صفة محمودة في موضعها ، وقد تحدث الماوردي في كتابه عن هذه الصفة كثيراً وذكر أوجهها ، فقال رحمه الله :   " .. فسمة الخير : الدَّعة والحياء ، وسمة الشر : القِحة والبذاء ، وكفى بالحياء خيراً أن يكون على الخير دليلاً ... .
وليس لمن سلب الحياء صادٌ عن قبيح ولا زاجر عن محظور ... واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون على ثلاثة أوجه : أحدها : حياؤه من الله تعالى ، والثاني : حياؤه من الناس ، والثالث : حياؤه من نفسه .
فأما حياؤه من الله تعالى : فيكون بامتثال أوامره ، والكف عن زواجره ....
وأما حياؤه من الناس : فيكون بكف الأذى ، وترك المجاهرة بالقبيح .وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ اتَّقَى اللَّهَ اتَّقَى النَّاسَ» ......
وأما حياؤه من نفسه : فيكون بالعفة ، وصيانة الخلوات .... " [55].
4_الحلم والغضب : 
تحدث الماوردي رحمه الله عن الحلم والغضب ، وأفرد لهذا الموضوع فصلاً في الباب الأخير ، حيث قال : " فصل : في الحلم والغضب : .... فالحلم من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب ، لما فيه من سلامة العرض ، وراحة الجسد، واجتلاب الحمد .." [56]،ثم تطرق إلى أسباب الحلم وكيفية تسكين الغضب وبعض الغضب المحمود ..الخ، [57].
5_التحذير من الغيبة :
تطرق الماوردي رحمه الله للغيبة وخطرها ، فقال : " فأما الغيبة ، فإنها خيانة وهتك ستر ، يحدثان عن حسد وغدر .
قال تعالى : " ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً ..“ ، يعني : أنه كما لا يحل أن يأكل لحم أخيه ميتاً لا تحل غيبته حياً . وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: الْغِيبَةُ رَعْيُ اللِّئَامِ. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، يَقُولُ: الْغِيبَةُ فَاكِهَةُ النِّسَاءِ. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ سِيرِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنِّي اغْتَبْتُك فَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ. فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَحِلَّ لَك مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْك.
 وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: لَا تُعِنْ النَّاسَ عَلَى عَيْبِك بِسُوءِ غَيْبِك. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا"[58].
المبحث الرابع : المضامين التربوية المستنبطة في الجانب النفسي :
لقد أولى الإمام الماوردي موضوع النفس عناية خاصة ومما يدل على هذه العناية أنه أفرد للنفس باباً ، وهو الباب الخامس من كتابه :أدب الدنيا والدين سماه باب:(في أدب النفس), واهم ما يمكن استنباطه في هذا الجانب ما يلي:
1_ضرورة تأديب النفس : 
يقول الماوردي رحمه الله : " اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة ، وأخلاق مرسلة ، لا يَستغني بمحمودها عن التأديب ، ولا يُكتفى بالمرضي منها عن التهذيب ، لأن لمحمودها أضداد مقابلة يُسعدها هوًى مطاع ، وشهوة غالبة ,فإن اغفل تأديبها تفويضا الى العقل او توكلا على ان تنقاد الى الأحسن بالطبع ,اعدمه التفويض درك المجتهدين واعقبه التوكل ندم الخائبين فصار من الأدب عاطلا وفي صورة الجهل داخلا ,لأن الادب مكتسب بالتجربة , او مستحسن بالعادة... " [59].
2- أحوال النفس :
تحدث الماوردي عن النفس وأنها في حال التعلم لها " نفوراً يفضي إلى تقصير ، ووفوراً يئول إلى سرف ، وقيادها عسر ،ولها أحوال ثلاث : فحال عدل وإنصاف ، وحال غلوٌ وإسراف ، وحال تقصير وإجحاف .
فأما حال العدل والإنصاف بلا تقصير ، فهي أن تختلف قوى النفس من جهتين متقابلتين : طاعة مسعدة ، وشقة كافة ، فطاعتها تمنع من التقصير ، وشفقتها ترد عن السرف والتبذير، وهذه أحمد الأحوال ...
وأما حال الغلو والإسراف : فهي أن تختص النفس بقوى الطاعة وتعدَم قوى الشفقة ، ...
وأما حال التقصير والإجحاف ، فهي أن تختص النفس بقوى الشفقة ، وتعدم قوى الطاعة ، فيدعوها الإشفاق إلى المعصية .... " [60].
3- السعادة :
إن سعادة النفس مطمح يسعى إليه الجميع ، برهم و فاجرهم ، مسلمهم  وكافرهم  ، وكلاً نحو هذا الهدف له طريق ، فسعادة حقيقية وسعادة مؤقتة لا تتعدى أن تكون لذة ساعة ثم تنقضي .
وأما الماوردي فإن طريق السعادة عنده هو بطلب العلم والعمل به ، يقول رحمه الله : " على أن العلم والعقل سعادة وإقبال ، وإن قل معهما المال ، وضاقت معهما الحال ، والجهل والحمق حرمان وإدبار ، وإن كثر معهما المال ، واتسعت معهما الحال ، لأن السعادة ليست بكثرة المال ، فكم من مكثر شقي ، ومقل سعيد ، وكيف يكون الجاهل الغني سعيداً والجهل يضعه ؟ ، أم كيف يكون العالم الفقير شقياً والعلم يرفعه .... "[61].
ويقول في موطن آخر : " وقد قالت الحكماء : أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة ... " [62].
ويقول رحمه الله : " على أن العلم عوض من كل لذة ، ومغن عن كل شهوة ، ... " [63]
4- الفروق الفردية :
يقصد بالفروق الفردية : " اختلاف كل فرد عن الآخر في الخصائص أي السمات والمميزات النفسية والجسمية والحركية والحسية والعقلية والمعرفية والانفعالية والاجتماعية " [64].
ويجب على العلماء والمعلمين أن يراعوا الفروق الفردية ويعطوا كل متعلم بقدر قدراته وميوله واستعداداته ، يقول الماوردي رحمه الله :" وليس، وإن تفاضلت الأذهان وتفاوتت الفطن ، ينبغي لمن قل منها حظه أن ييأس من نيل القليل ... "[65].
ويقول في موطن آخر متحدثاً عن حث المعلم على مراعاة الفروق الفردية لطلابه : " وإن كان بليداً بعيد الفطنة فينبغي أن لا يمنع من اليسير فيُحرم ، ولا يُحمل عليه بالكثير فيظلم ،... "[66].
ويقول في موطن ثالث : " وينبغي أن يكون للعالم فراسة يتوسم بها المتعلم ليعرف مبلغ طاقته ... لأنه لا يُعدم أن يكون فيهم ذكي محتاج إلى زيادة ، وبليد يحتاج إلى التقليل .. "[67].
5- الدافعية : يقبل المرء على بعض الأمور بشكل إيجابي ، بينما تجده في بعض الأمور الأخرى أقل حماساً أو بشكل سلبي ، وهذا يعود على دافعيته نـحو هذا الأمر ، " وليس من الثابت أن نجد كل المتعلمين مدفوعين بدرجة عالية أو متساوية " وتعرف الدافعية على أنها : " عملية داخلية توجه نشاط الفرد نـحو هدف في بيئته " .
والماوردي نبه على موضوع الدافعية في طلب العلم ، وأسماها : الباعث ، حيث يقول رحمه الله :"واعم أن لكل مطلوبٍ باعثاً ، والباعث على المطلوب شيئان : رغبة أو رهبة ، فليكن طالب العلم راغباً راهباً ... فإذا اجتمعت الرغبة والرهبة أدتا إلى كنه العلم وحقيقة الزهد،لأن الرغبة أقوى الباعثين على العلم ، والرهبة أقوى السببين في الزهد.
وقد قالت الحكماء : اصل العلم الرغبة وثمرته السعادة ,واصل الزهد الرهبة, وثمرته العبادة,فإذا اقترن الزهد والعلم فقد تمت السعادة وعمت الفضيلة وإن افترقا فيا ويح مفترقين ما اضر افتراقهما , واقبح انفرادهما.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:(من ازداد في العلم رشدا ولم يزدد في الدنيا زهدا , لم يزدد من الله  الا بعدا  "
وقال مالك بن دينار : من لم يؤت من العلم ما يقمعه فما اوتي من لا ينفعه.
وقال بعض الحكماء :الفقيه بغير ورع كالسراج يضي البيت ويحرق نفسه."[68].
6_الترويح عن النفس :
يرى الماوردي أنه لا بد للنفس من راحة حتى تتقبل الترويض وتستجيب للقيادة ، فيقول : " فإذا استصعب عليه قياد نفسه ، ودام منه نفور قلبه مع سياستها ، ومعاناة رياضتها ، تركها ترك راحة ، ثم عاودها بعد الاستراحة ، فإن إجابتها تسرع ، وطاعتها ترجع.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان قال :(ان القلب يموت ويحيا ولو بعد حين"وقال ابن مسعود رضي الله عنه :للقلوب شهوة وإقبال وفترة وإدبار فأتوها من قبل شهوتها ,ولا تأتوها من قبل فترتها...[69].
المبحث الخامس : المضامين التربوية المستنبطة في الجانب الاجتماعي :
1- الإنسان مدني بطبعه  :
الإنسان بطبعه مجبول على معايشة الآخرين والعيش معهم ، فهو لا يستطيع أن يعيش وحده في معزل عن بني جنسه ،يقول الماوردي رحمه الله : " ثم جعل الإنسان أكثر حاجة من جميع الحيوان ، لأن من الحيوان ما يستقل بنفسه عن جنسه ، والإنسان مطبوع على الافتقار إلى جنسه ، واستعانته به صفة لازمة لطبعه ، وخلقة قائمة في جوهره ، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفاً)... " [70].
2_الألفة بين الناس :
وبما أن الإنسان لا غنى له عن بني جنسه ، فلا بد أن يكون آلفاً مألوفاً ، يتقبل اختلاف طبائعهم ويتعامل مع الناس بالألفة والمودة ، يقول الماوردي رحمه الله : " الإنسان مقصود بالأذية ، محسود بالنعمة ، فإذا لم يكن آلفاً مألوفاً تخطفته أيدي حاسديه ، وتحكمت فيه أهواء أعاديه ، فلم تسلم له نعمة ، ولم تصفُ له مدة ، فإذا كان آلفاً مألوفاً انتصر بالألفة على أعاديه ، وامتنع من حاسديه ، ..... وقد روي عن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المؤمن آلف مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ، وخير الناس أنفعهم للناس " .... " [71]، وقد حدد الماوردي أسباب الألفة بخمسة أسباب ، فقال : " وأسباب الألفة خمسة ، وهي : الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر " [72].
3_الأمن سبب الرخاء والطمأنينة في المجتمع :
يقول الماوردي أثناء ذكره بعض القواعد التي تكون سبباً لصلاح الدنيا : " وأما القاعدة الرابعة: فهي أمن عامٌ تطمئن إليه النفوس وتنتشر فيه الهمم ، ويسكن فيه البريء ، ويأنس به الضعيف ، فليس لخائف راحة ، ولا لحاذر طمأنينة ، وقد قال بعض الحكماء : الأمن أهنأ عيش ، والعدل أقوى جيش ، لأن الخوف يقبض الناس عن مصالحهم ، ويحجزهم عن تصرفهم ، ويكفهم عن أسباب المواد التي بها قوام أَوَدِهم وانتظام جملتهم ... " [73].
4_عمارة الأرض عملية بنائية :
أمرنا الله عز وجل أن نعمر الأرض ولا نفسدها ، وعمارة الأرض عملة بنائية جيلاً بعد جيل ، وكل جيل يهيء للجيل الذي يليه ما يحتاجون إليه لاستكمال عمارة الأرض ، يقول الماوردي رحمه الله : " ولولا أن الثاني ( أي الإنسان في الجيل الثاني ) يرتفق بما أنشأه الأول حتى يصير به مستغنياً ، لافتقر أهل كل عصر إلى إنشاء ما يحتاجون إليه من منازل السكنى وأراضي الحرث ، وفي ذلك من الإعواز ، وتعذر الإمكان ما لا خفاء به ، ..... فيتم الثاني ما أبقاه الأول من عمارتها ، ويرمم الثالث ما أحدثه الثاني من شعثها ، لتكون أحوالها على الأعصار ملتئمة ، وأمورها على مرور الدهر منتظمة .. "[74]. 
المبحث السادس : المضامين التربوية المستنبطة في الجانب الجسمي :
1_التوسط في المأكل والمشرب :
    أمرنا الله عز وجل التوسط في المأكل والمشرب والأخذ منها بقدر لتكون نافعة للجسد حتى يؤدي وظيفته التي خلق من أجلها على أكمل وجه ، يقول تعالى : " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا " وقد قرر الماوردي في كتابه هذا المبدأ حيث قال : " فأما الحاجة ، فتدعوا إلى ما سد الجوع ، وسكّن الظمأ ، وهذا مندوب إليه عقلاً وشرعاً ، لما فيه من حفظ النفس ، وحراسة الجسد ، ... وأما الزيادة على قدر الحاجة ، والإكثار على مقدار الكفاية ، فهو ممنوع منه في العقل والشرع ، كما كان قدر الكفاية مندوباً إليه في العقل والشرع ، لأن تناول ما زاد على الكفاية نهم معرٌّ ، وشره مضر . قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالْبِطْنَةَ فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلدِّينِ مُورِثَةٌ لِلسَّقَمِ مُكْسِلَةٌ عَنْ الْعِبَادَةِ» . " [75].
2_للباس فوائد :
يقول الماوردي رحمه الله : " اعلم أن الحاجة ، وإن كانت في المأكول والمشروب أدعى ، فهي إلى الملبوس ماسة وبها إليه فاقة ، لما في الملبوس من حفظ الجسد ، ودفع الأذى ، وستر العورة ، وحصول الزينة ... " [76].
المبحث السابع : التطبيقات التربوية في تربية الأبناء :
من خلال ما سبق استنباطه من المضامين والمأخوذة من كتاب ( أدب الدنيا والدين ) للماوردي ، يمكننا أن نقترح بعض التطبيقات والتي نستطيع أن نستفيد منها في تربية الأبناء ، وخاصة للأسرة المسلمة ، وذلك في النقاط التالية :
1_على الآباء أن يرفعوا من قيمة العلم وشأنه في نفوس أبنائهم ، وأن يعظموا قدره ،ويمكن تحقيق ذلك بما يلي:
الحديث المتكرر أمام الأبناء عن فضل العلم وأهله وسرد القصص عن سير العلماء أو إهدائهم بعض الكتب عن سير العلماء والصالحين .
 أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في طلب العلم ومحبته ومحبة أهله وتقديرهم والثناء عليهم.
 أخذ الأولاد لبعض علماء البلد والسلام عليهم والحديث معهم وحضور دروسهم .
2_على الآباء التنويع في أساليب تربية أبنائهم وأن يستخدموا أكثر من طريقة في التربية ، فمرة بالتصريح ومرة بالتلميح ، ومرة بسرد القصص ومرة بضرب الأمثال ومرة باستغلال بعض المواقف والتعليق عليها ...وهكذا.
3_أن يجمع الأبوين في تربية أبنائهم بين الترغيب والترهيب ، على أن يكون ذلك بلا إفراط ولا تفريط ، أو تغليب جانب على جانب بشكل غير مجدي .
4_على الأبوين استخدام الرفق وتغليب المحبة في تربية أبنائهم ، وأن يلتزموا في تربيتهم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما كان معنفاً ولا محقراً ، وذلك يكون بقراءة سيرته صلى الله عليه وسلم ، وكتب التربية الإسلامية .
5_إن من أهم ما ينبغي على الآباء مراعاته أثناء تعليمهم لأبنائهم هو التدرج في التعليم ، فالنفس البشرية لا تتقبل التغيير المفاجئ وإنما التدرج يؤتي الثمرة ولو بعد حين .
6_يجب على الآباء الاهتمام بتعليم الأبناء فرائض الإسلام وواجباته كما يجب ، وكما أراد الله ، وخاصة الصلاة التي هي عمود الدين ، فيأخذون الأولاد للمساجد ليتعودوها ، وتعلم الأم بناتها الصلاة وكيفيتها ، وكذا في بقية الفرائض والواجبات .
7_حث الأبناء على الأخلاق الفاضلة وتذكيرهم بأهميتها وفضلها وجزائها في الدنيا والآخرة ، مع ربط الأبناء بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم للاقتداء بأخلاقة ، وذلك من خلال درس أسبوعي في السيرة مع الأبناء تبرز فيه أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم .
8_تربية الأبناء على مراقبة النفس وتأديبها ، والتذكير دائماً بأن الله مطلع علينا ويرانا ، وأن هناك ملائكة كراماً يكتبون ما نفعل ونقول ، ومن أهم ما ينمي مراقبة النفس الطلب من الأبناء البحث عن تفسير بعض الآيات التي تدل على علم الله واطلاعه علينا .
9_على الآباء أن يبينوا لأبنائهم أن السعادة الحقيقية هي بطلب العلم الشرعي والعمل به ، والتمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
10_على الآباء أن يراعوا الفروق الفردية بين أبنائهم ويتعاملوا معهم بحسب خصائص وسمات كل فرد منهم ، فمن المستحيل أن يكون كل الأبناء على مستوى واحد من الذكاء والفطنة والاستجابة ، فيجب حينئذ إعطاء كلٍ منهم ما يستطيع استيعابه وفهمه .
11_الترويح على النفس من الأمور المطلوبة إذا كانت وفق الضوابط الشرعية الصحيحة ، فلا مانع أن يستغل الآباء أوقات الفراغ والإجازات بالترفيه والسفر ، ولا مانع أن تستغل أوقات الترفيه بعض القيم التي قد يصعب غرسها من خلال الأمر المباشر .
12_يجب على الآباء الاهتمام بتعليم أبنائهم آداب المأكل والمشرب والملبس ، والمحافظة على الأذكار الواردة في ذلك وتذكيرهم بها دائماً .
13_تعويد الأبناء الاهتمام والمحافظة على الجسم وذلك بتعليمهم التوسط في المأكل والمشرب والملبس .




الفصل الخامس
الخاتمة  ( النتائج – التوصيات – المقترحات )
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى هديه واتبع هداه الى يوم الدين                                               أما بعد:
فإن الباحث يقدم في نهاية البحث ما توصل اليه من نتائج وتوصيات ومقترحات ولعل اهمها مايلي:
§      أهم النتائج :
خرج الباحث من خلال هذا البحث بعدد من النتائج ، كان أهمها ما يلي :
1_يعتبر الماوردي من علماء المسلمين الذين عاشوا عصر النهضة العلمية في الدولة العباسية ، حيث انتشر في ذلك الوقت أماكن العلم والمدارس والمكتبات والترجمة .. الخ .
3_إن كتاب ( أدب الدنيا والدين ) من الكتب التربوية القيمة والنافعة والتي نستطيع أن نستنبط منها الكثير من المضامين التربوية ، والاستفادة منها في عصرنا الحاضر  .
4_استنبط الباحث من خلال كتاب أدب الدنيا والدين الكثير من المضامين ، من أهمها :
_شرف العلم وفضله وفضل العمل به  .             _استمرارية التعليم .
_الاهتمام بالتخصص في طلب العلم .              _تنويع الأساليب التربوية أثناء التعليم .  
 _الرفق بالمتعلمين وتحبيبهم في العلم .                _التدرج في التعليم .
_التحلي بحسن الخلق واجتناب الأخلاق السيئة .     _مجانبة الكبر والإعجاب .
_ضرورة تأديب النفس ومتابعتها .                    _الاهتمام بالفروق الفردية أثناء التعليم .
_التوسط في المأكل والمشرب .                             _الاهتمام بآداب اللباس .
5_يمكن الاستفادة من المضامين المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين ، وتطبيقها في تربية الأبناء ، ومن تلك التطبيقات التي أوردها الباحث ما يلي :
_رفع شأن العلم والعلماء وفضله في نفوس الأبناء ، وذلك بسرد قصصهم وذكر فضلهم وزيارتهم إن أمكن وحضور دروسهم .
_تنويع الآباء لأساليب التربية المستخدمة مع الأبناء ، فالقصة وضرب الأمثال والترغيب والترهيب كل ذلك يؤدي إلى النتائج المرجوة .

§      التوصيات :  من خلال النتائج السابقة يوصي الباحث بما يلي :
1_ إبراز الفكر التربوي الإسلامي من خلال إبراز جهود العلماء المسلمين الذين ساهموا في التربية والتعليم ، ومنهم الماوردي .
2_الاستفادة من كتاب أدب الدنيا والدين وتدريسه في المرحلة الجامعية وخاصة في التعليم العالي .
3_إبراز المضامين التربوية المستنبطة من كتاب أدب الدنيا والدين وتطبيقها في تربية الأبناء والمتعلمين . 
4 _شرح كتاب أدب الدنيا والدين ، ليستفيد منها المربون والمعلمون في عصرنا الحاضر .

§      المقترحات :
ومن خلال ما سبق يقترح الباحث إجراء بعض البحوث ، كالتالي :                           
1_إجراء دراسة حول الفكر التربوي للماوردي من خلال كتبه الأخرى . 
2_ دراسة الآراء التربوية للعلماء المسلمين من خلال مؤلفاتهم, وبيان كيفية الاستفادة منها في الوقت المعاصر .


المراجع
1_ابن منظور ,جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب,ج13,بيروت1410هـ.
2_ أنيس, ابراهيم وآخرون :المعجم الوسيط,ط2,ج1,دار المعارف, القاهرة,1400هـ.
3_الغامدي,احمد سعيد :العلاقات الإنسانية في الفكر الإداري الإسلامي ومضامينها وتطبيقاتها التربوية ,رسالة ماجستير غير منشورة, كلية التربية ,جامعة ام القرى, مكة المكرمة,1401هـ.
4_ أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين ,مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) –تحقيق : جمال عبدالعال.
5_ الإمام الذهبي :سير اعلام النبلاء ,ط3(1405هـ),مؤسسة الرسالة, مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ /شعيب الأرناؤوط.
6_ إسماعيل بن عمر ابن كثير :البداية والنهاية  ,دار ابن كثير  -ط2 ( 1431هـ ) – الجزء 13. 
7_ عبدالحي بن أحمد العكري الحنبلي :شذرات الذهب في أخبار من ذهب , دار ابن كثير – 1406هـ -الجزء5.
8_ عبدالكريم بن محمد السمعاني المروزي :الأنساب ,مجلس دائرة المعارف العثمانية( 1382هـ )–  نسخة المكتبة الشاملة الالكترونية.
9_ أبو بكر أحمد بن علي البغدادي :تاريخ بغداد وذيوله ,دار الكتب العلمية ( 1417 هـ ).
10_ شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد الذهبي :العبر في خبر من غبر , دار الكتب العلمية – نسخة المكتبة الشاملة الإلكترونية .
11_ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي :المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ,دار الكتب العلمية ( 1412 هـ ) .
12_ أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني :لسان الميزان , دائرة المعرف النظامية (1390هـ ) – نسخة المكتبة الشاملة الإلكترونية.
13_ صلاح الدين بسيوني رسلان :الفكر السياسي عند الماوردي ,دار الثقافة للنشر والتوزيع (1983م). 14_ حسن عبدالعال : التربية الإسلامية في القرن الرابع الهجري , دار الفكر العربي .
15_ تاج الدين عبدالوهاب السبكي :طبقات الشافعية الكبرى , هجر للطباعة والنشر والتوزيع – ط2 ( 1413 هـ ) .
16_منصور ، عبدالمجيد سيد  وآخرون :علم النفس التربوي , العبيكان ط6 ( 1431 هـ ) .
17_هدى بو فرحات: قصة وتأريخ الحضارات العربية(العراق _ الاردن),جـ9,بيروت, مؤسسة علي سعد وشركاءه,1999م.
18_الزركلي: الاعلام, جـ4, بيروت, دار العلم للملايين, ط10_1992م.




فهرس الموضوعات
الإستفتاح......................................................................ب
شكر وتقدير.....................................................................أ
الفصل الأول....................................................................1
مقدمة..........................................................................1
موضوع البحث...................................................................2
تساؤلات البحث................................................................ 2
أهداف البحث...................................................................3
أهمية البحث.....................................................................3
منهج البحث.................................................................... 3
حدود البحث....................................................................3
مصطلحات البحث...............................................................4
الدراسات السابقة............................................................... 4
الفصل الثاني : ترجمة الماوردي  رحمه الله.........................................6
اسمه ومولده ونبذة عن حياته....................................................... 6
أخلاقه وصفاته.................................................................. 7
عصره وبيئته..................................................................... 9
رحلاته العلمية................................................................... 9
شيوخه وتلاميذه................................................................. 9
مؤلفاته ...................................................................... 10
العوامل المؤثرة في فكر الماوردي.................................................... 13
وفاته رحمه الله................................................................. 16
الفصل الثالث : التعريف بكتاب ( أدب الدنيا والدين ) ، وقيمته التربوية............17
اسم الكتاب وما جاء حوله...................................................... 17
بعض طبعات الكتاب ، والطبعة المعتمدة في البحث................................. 18
محتويات الكتاب ومنهج المؤلف في تأليفه........................................... 19
مآخذ الكتاب..................................................................20
قيمة الكتاب التربوية.............................................................21
الفصل الرابع : المضامين المستنبطة من كتاب ( أدب الدنيا والدين ) وتطبيقاتها التربوية على الأبناء........22
مدخل........................................................................ 22
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب التعليمي........................... 22
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب التعبدي............................ 28
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب الأخلاقي........................... 29
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب النفسي............................ 31
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب الاجتماعي......................... 33
المضامين التربوية المستنبطة من الكتاب في الجانب الجسمي........................... 35
التطبيقات التربوية في تربية الأبناء................................................. 37
 الفصل الخامس : الخاتمة (أهم النتائج والتوصيات والمقترحات ).................41
أهم النتائج.....................................................................41
التوصيات..................................................................... 43
المقترحات......................................................................43
المراجع.........................................................................44
فهرس الموضوعات.............................................................. 45






[1] ابن منظور ,جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب,ج13,بيروت1410هـ,ص258.
[2] أنيس, ابراهيم وآخرون :المعجم الوسيط,ط2,ج1,دار المعارف, القاهرة,1400هـ,ص445.
[3] الغامدي ,احمد سعيد :العلاقات الإنسانية في الفكر الإداري الإسلامي ومضامينها وتطبيقاتها التربوية ,رسالة ماجستير غير منشورة ,كلية التربية ,جامعة ام القرى, مكة المكرمة,1401هـ,ص40
[4] محمد بن أحمد الذهبي :سير أعلام النبلاء ، دار الحديث ( 1427هـ ) – الجزء 13 , ص 311.
[5] الماوردي :أدب الدنيا والدين ,مكتبة عباد الرحمن ( 1428 هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال ,ص7.
[6] إسماعيل بن عمر ابن كثير :البداية والنهاية , دار ابن كثير  -ط2 ( 1431هـ ) – الجزء 13,ص 143 . 
[7] عبدالحي بن أحمد العكري الحنبلي :شذرات الذهب في أخبار من ذهب _ دار ابن كثير _ 1406هـ -الجزء 5 ,ص 218 .
[8] عبدالكريم بن محمد السمعاني المروزي :الأنساب _مجلس دائرة المعارف العثمانية( 1382هـ )_ نسخة المكتبة الشاملة الالكترونية.
[9] أبو بكر أحمد بن علي البغدادي :تاريخ بغداد وذيوله_دار الكتب العلمية ( 1417 هـ ) – ج 15 ,ص 330 .
[10] شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد الذهبي :العبر في خبر من غبر _ دار الكتب العلمية _نسخة المكتبة الشاملة الإلكترونية .
[11] إسماعيل بن عمر ابن كثير :البداية والنهاية _ دار ابن كثير  _ط2 ( 1431هـ ) _الجزء 13,ص 81 .
[12] البداية والنهاية_ مرجع سابق _ج 13 , ص 99 .
[13] البداية والنهاية _مرجع سابق _ج13,ص 143 .
[14] جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي :المنتظم في تاريخ الأمم والملوك _ دار الكتب العلمية ( 1412 هـ ) _ج 16 ,ص 41.
[15] أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني :لسان الميزان _ دائرة المعرف النظامية (1390هـ ) _ نسخة المكتبة الشاملة الإلكترونية .
[16] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال ,ص 90- ص 91 .
[17] إسماعيل بن كثير :البداية والنهاية _دار ابن كثير _ط2 ( 1431 هـ ) _ج13,ص 87 .
[18] البداية والنهاية – مرجع سابق – ص 143 .
[19] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال ,ص 90 .
[20] هدى بو فرحات:قصة وتأريخ الحضارات العربية(العراق _ الاردن)_جـ9_بيروت_ مؤسسة علي سعد وشركاءه_1999م,ص71.
[21] الزركلي:الاعلام_جـ4_بيروت_دار العلم للملايين_ط10_1992م , ص327
[22]  هدى بو فرحات: قصة وتأريخ الحضارات العربية(العراق _ الاردن)_جـ9_بيروت_ مؤسسة علي سعد وشركاءه_1999م,ص81.
 [23]  هدى بو فرحات: مرجع سابق ,ص82 _ص85.
 [24] تاج الدين عبدالوهاب السبكي :طبقات الشافعية الكبرى _هجر للطباعة والنشر والتوزيع _ط2 ( 1413 هـ ) _ج 5 ,ص 269 .
[25] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال ,ص7.
[26] الإمام الذهبي :سير أعلام النبلاء _ ط 3 ( 1405 هـ ) _ مؤسسة الرسالة _ مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ / شعيب الأرناؤوط .
[27] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال, ص 11 .
[28] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال , ص 37 .
[29] نفس المرجع – ص 38 .
[30] المرجع السابق, ص40
[31] المرجع السابق ,ص 39_ ص40 .
[32] نفس المرجع , ص 11 .
[33] المرجع السابق ,ص108 .
[34] المرجع السابق , ص 134 .
[35] المرجع السابق ,ص 80 .
[36] المرجع السابق, ص 44 .
[37] المرجع السابق , ص 44 .
[38] المرجع السابق ,ص 105 .
[39] المرجع السابق ,ص 100 .
[40] المرجع السابق , ص 97 .
[41] المرجع السابق ,ص 105 .
[42] المرجع السابق ,ص 106 .
[43] المرجع السابق ,ص 106 .
[44] المرجع السابق , ص  114 .
[45] المرجع السابق , ص 125 .
[46] المرجع السابق , ص 135 .
[47] المرجع السابق ,ص 47 .
[48] المرجع السابق , ص 57 .
[49] المرجع السابق , 108 .
[50] المرجع السابق ,ص 112 .
[51] المرجع السابق ,ص 113 .
[52] المرجع السابق , ص 113 .
[53] المرجع السابق, ص 302 .
[54] المرجع السابق , ص 294.
[55] المرجع السابق , ص : 308-312 .
[56] المرجع السابق ,ص 315 .
[57] المرجع السابق ,ص : 314-325 .
[58] المرجع السابق, 332-333 .
[59] المرجع السابق, ص 287
[60] المرجع السابق , ص 179 _ص 180 .
[61] المرجع السابق ,ص 52 .
[62] المرجع السابق – ص 55 .
[63] المرجع السابق – ص 104 .
[64] منصور ، عبدالمجيد سيد  وآخرون : علم النفس التربوي _ العبيكان ط6 ( 1431 هـ ), ص 205 .
[65] أبو الحسن علي الماوردي :أدب الدنيا والدين _ مكتبة عباد الرحمن (1428هـ ) _تحقيق : جمال عبدالعال , ص 49 .
[66] المرجع السابق , ص 100 .
[67] المرجع السابق , ص 101_ص 102 .
[68] المرجع السابق , ص 55 _ص56 .
[69] المرجع السابق , ص 81 .
[70] المرجع السابق ,ص 160 .
[71] المرجع السابق, ص 183 .
[72] المرجع السابق ,ص 184 .
[73] المرجع السابق , ص 176_ ص 177 .
[74] المرجع السابق ,ص 179 .
[75] المرجع السابق ,ص 447 .
[76] المرجع السابق ,ص449 .