مفهوم التربية الإسلامية :
هناك
اختلافٌ بين المهتمين بالقضايا التربوية حول مفهوم التربية حيث تتعدد الآراء
ووجهات النظر في هذا الشأن ؛ نظراً لتعدد الأطراف المُشاركة في العملية التربوية ،
واختلاف الزوايا التي يُنظر من خلالها لهذه العملية ؛ إضافةً إلى اختلاف الاتجاهات
، والآراء ، والثقافات ، والفلسفات ، واختلاف ظروف الزمان ، والمكان ، والجوانب
التي يتم معالجتها ، ونحو ذلك من العوامل الأخرى .
ومع
أن هذا الاختلاف في تحديد مفهوم التربية يُعد أمراً مقبولاً - نسبيًّا - عند أصحاب
الفلسفات والنظريات والأفكار التربوية البشرية ؛ إلا أنه ينبغي ألاَّ يكون كذلك في
ميدان التربية الإسلامية . وهو ما ألمح إليه ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 23) بقوله
:
"
إذا نظرنا إلى الدراسات التربوية المعاصرة وجدنا مفهوم التربية الإسلامية لم يكن
موضع الاتفاق بين الدارسين بعد .
ويمكن إجمال أغلب المفاهيم في النقاط التالية
:
1) أنه منهج مقررات المواد الإسلامية في
المدارس .
2)
أنه تاريخ التعليم ، أو تاريخ المؤسسات التعليمية ، أو تاريخ أعلام الفكر التربوي
والتعليمي في العالم الإسلامي .
3) أنه تعليم العلوم الإسلامية .
4)أنه
نظام تربوي مستقل ؛ ومنبثق من التوجيهات والتعاليم الإسلامية الأصيلة ، ويختلف عن
النظم التربوية الأخرى شرقيةً كانت أو غربية ".
ومن
المؤكد أن معظم هذه المفاهيم قد حصرت " التربية الإسلامية " في نطاقٍ
ضيقٍ لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه هذا المفهوم من شموليةٍ واتساع لكل ما يهم
الإنسان في حياته وبعد مماته ؛ فهو مفهومٌ ينظر إلى الإنسان نظرةً شموليةً لكل
جوانب شخصيته وأبعادها المختلفة . وهو مفهومٌ
يُعنى بجميع مراحل النمو عند الإنسان ، وهو مفهومٌ يوازن بين مطالب الفرد
وحاجات المجتمع ، ويهتم بجميع الأفراد والفئات ، ويوائم بين الماضي والحاضر .
إضافةً إلى أنه يُشير إلى نظامٍ تربوي مُستقلٍ ومتكاملٍ ، يمتاز بأصوله الثابتة ،
ومناهجه الأصيلة ، وأهدافه الواضحة ، وغاياته السامية ، ومؤسساته المختلفة ،
وأساليبه المتنوعة...إلخ . التي تُميزه عن غيره ، وتوسع دائرته ليُصبح منهجاً
كاملاً وشاملاً لجميع مجالات الحياة .
والخلاصة
أن مفهوم التربية الإسلامية يتضح في كونها أحد فروع علم التربية الذي يتميز في
مصادره الشرعية ( المتمثلة في القرآن الكريم ، والسُّنة النبوية المطهرة ، وتُراث
السلف الصالح ) ؛ و غاياته ( الدينية الدنيوية ) ، ويقوم على نظامٍ تربوي مُستقل و
مُتكامل ، ويعتمد اعتماداً كبيراً على فقه الواقع ، ولابد له من متخصصين يجمعون
بين علوم الشريعة وعلوم التربية ؛ حتى تتم معالجة القضايا التربوية المختلفة من
خلاله معالجةً إسلاميةً صحيحةً ومناسبةً لظروف الزمان والمكان .
تعريف التربية الإسلامية :
انطلاقاً من الاختلاف - الذي سبقت
الإشارة إليه - بين المهتمين في المجال التربوي حول مفهوم التربية فإن هناك
اختلافاً مشابهاً في تحديد تعريف " التربية الإسلامية " كمصطلحٍ علمي حيث إن معظم من كتب في هذا الميدان
من سلفنا الصالح لم يحرصوا على إيراد تعريفٍ محددٍ لهذا المصطلح بقدر اهتمامهم
وحرصهم على معالجة الموضوعات والقضايا التربوية المختلفة . ولذلك فإن تعريفات
الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بالكتابة والبحث في ميدان التربية الإسلامية جاءت
مختلفةً رغم اتفاقهم في الإطار العام لها ؛ إلا أنهم لم يصلوا إلى صيغةٍ واحدةٍ
يتفقون عليها جميعاً لتعريفٍ محددٍ وواضحٍ لهذا المصطلح ، ولعل ذلك راجعٌ إلى
اختلاف مشاربهم ، وتباين تخصصاتهم ، وتعدد وجهات نظرهم التفصيلية . وهو ما يُمكن
أن نلحظه في عرضنا التالي لبعض التعريفات التي اجتهد فيها أصحابها ، فقد عرَّفها (
مقداد يالجن ، 1409هـ ، ص 20 ) بأنها :
"
إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا
والآخرة في ضؤ المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام ".
وعرَّفها
( زغلول راغب النجار ، 1416هـ ، ص 85 ) بأنها :" النظام التربوي القائم على
الإسلام بمعناه الشامل ".
أما ( عبد الرحمن النقيب ، 1417هـ ، ص 17 ) فيرى
أن المقصود بالتربية الإسلامية : " ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف
إيجاد إنسان القرآن والسُنة أخلاقاً وسلوكاً مهما كانت حرفته أو مهنته " .
في
حين يرى ( عبد الرحمن النحلاوي ، 1403هـ ، ص 21 ) أن " التربية الإسلامية هي
التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كُلياً في حياة
الفرد والجماعة " .
وهنا يمكن القول بأن التعريفات السابقة تؤكد جميعاً على أن
التربية الإسلامية نظامٌ تربويٌ شاملٌ يهتم بإعداد الإنسان الصالح إعداداً
متكاملاً دينياً و دُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة .
التربية
الإسلامية
المصطلح
و المفهوم
د
/ صالح بن علي أبو عرَّاد