الأحد، 27 أكتوبر 2013

 مفهوم التربية الإسلامية :
هناك اختلافٌ بين المهتمين بالقضايا التربوية حول مفهوم التربية حيث تتعدد الآراء ووجهات النظر في هذا الشأن ؛ نظراً لتعدد الأطراف المُشاركة في العملية التربوية ، واختلاف الزوايا التي يُنظر من خلالها لهذه العملية ؛ إضافةً إلى اختلاف الاتجاهات ، والآراء ، والثقافات ، والفلسفات ، واختلاف ظروف الزمان ، والمكان ، والجوانب التي يتم معالجتها ، ونحو ذلك من العوامل الأخرى .

ومع أن هذا الاختلاف في تحديد مفهوم التربية يُعد أمراً مقبولاً - نسبيًّا - عند أصحاب الفلسفات والنظريات والأفكار التربوية البشرية ؛ إلا أنه ينبغي ألاَّ يكون كذلك في ميدان التربية الإسلامية . وهو ما ألمح إليه ( مقداد يالجن ، 1406هـ ، ص 23) بقوله :
" إذا نظرنا إلى الدراسات التربوية المعاصرة وجدنا مفهوم التربية الإسلامية لم يكن موضع الاتفاق بين الدارسين بعد .
ويمكن إجمال أغلب المفاهيم في النقاط التالية :
1)      أنه منهج مقررات المواد الإسلامية في المدارس .
2) أنه تاريخ التعليم ، أو تاريخ المؤسسات التعليمية ، أو تاريخ أعلام الفكر التربوي والتعليمي في العالم الإسلامي .
3)      أنه تعليم العلوم الإسلامية .
4)أنه نظام تربوي مستقل ؛ ومنبثق من التوجيهات والتعاليم الإسلامية الأصيلة ، ويختلف عن النظم التربوية الأخرى شرقيةً كانت أو غربية ".
ومن المؤكد أن معظم هذه المفاهيم قد حصرت " التربية الإسلامية " في نطاقٍ ضيقٍ لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه هذا المفهوم من شموليةٍ واتساع لكل ما يهم الإنسان في حياته وبعد مماته ؛ فهو مفهومٌ ينظر إلى الإنسان نظرةً شموليةً لكل جوانب شخصيته وأبعادها المختلفة . وهو مفهومٌ  يُعنى بجميع مراحل النمو عند الإنسان ، وهو مفهومٌ يوازن بين مطالب الفرد وحاجات المجتمع ، ويهتم بجميع الأفراد والفئات ، ويوائم بين الماضي والحاضر . إضافةً إلى أنه يُشير إلى نظامٍ تربوي مُستقلٍ ومتكاملٍ ، يمتاز بأصوله الثابتة ، ومناهجه الأصيلة ، وأهدافه الواضحة ، وغاياته السامية ، ومؤسساته المختلفة ، وأساليبه المتنوعة...إلخ . التي تُميزه عن غيره ، وتوسع دائرته ليُصبح منهجاً كاملاً وشاملاً لجميع مجالات الحياة .
والخلاصة أن مفهوم التربية الإسلامية يتضح في كونها أحد فروع علم التربية الذي يتميز في مصادره الشرعية ( المتمثلة في القرآن الكريم ، والسُّنة النبوية المطهرة ، وتُراث السلف الصالح ) ؛ و غاياته ( الدينية الدنيوية ) ، ويقوم على نظامٍ تربوي مُستقل و مُتكامل ، ويعتمد اعتماداً كبيراً على فقه الواقع ، ولابد له من متخصصين يجمعون بين علوم الشريعة وعلوم التربية ؛ حتى تتم معالجة القضايا التربوية المختلفة من خلاله معالجةً إسلاميةً صحيحةً ومناسبةً لظروف الزمان والمكان .

 تعريف التربية الإسلامية :
انطلاقاً من الاختلاف - الذي سبقت الإشارة إليه - بين المهتمين في المجال التربوي حول مفهوم التربية فإن هناك اختلافاً مشابهاً في تحديد تعريف " التربية الإسلامية "  كمصطلحٍ علمي حيث إن معظم من كتب في هذا الميدان من سلفنا الصالح لم يحرصوا على إيراد تعريفٍ محددٍ لهذا المصطلح بقدر اهتمامهم وحرصهم على معالجة الموضوعات والقضايا التربوية المختلفة . ولذلك فإن تعريفات الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بالكتابة والبحث في ميدان التربية الإسلامية جاءت مختلفةً رغم اتفاقهم في الإطار العام لها ؛ إلا أنهم لم يصلوا إلى صيغةٍ واحدةٍ يتفقون عليها جميعاً لتعريفٍ محددٍ وواضحٍ لهذا المصطلح ، ولعل ذلك راجعٌ إلى اختلاف مشاربهم ، وتباين تخصصاتهم ، وتعدد وجهات نظرهم التفصيلية . وهو ما يُمكن أن نلحظه في عرضنا التالي لبعض التعريفات التي اجتهد فيها أصحابها ، فقد عرَّفها ( مقداد يالجن ، 1409هـ ، ص 20 ) بأنها :
" إعداد المسلم إعداداً كاملاً من جميع النواحي في جميع مراحل نموه للحياة الدنيا والآخرة في ضؤ المبادئ والقيم وطرق التربية التي جاء بها الإسلام ".
وعرَّفها ( زغلول راغب النجار ، 1416هـ ، ص 85 ) بأنها :" النظام التربوي القائم على الإسلام بمعناه الشامل ".
 أما ( عبد الرحمن النقيب ، 1417هـ ، ص 17 ) فيرى أن المقصود بالتربية الإسلامية : " ذلك النظام التربوي والتعليمي الذي يستهدف إيجاد إنسان القرآن والسُنة أخلاقاً وسلوكاً مهما كانت حرفته أو مهنته " .
في حين يرى ( عبد الرحمن النحلاوي ، 1403هـ ، ص 21 ) أن " التربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والاجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كُلياً في حياة الفرد والجماعة " .

وهنا يمكن القول  بأن التعريفات السابقة تؤكد جميعاً على أن التربية الإسلامية نظامٌ تربويٌ شاملٌ يهتم بإعداد الإنسان الصالح إعداداً متكاملاً دينياً و دُنيوياً في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية الرئيسة .


التربية الإسلامية
المصطلح و المفهوم
د / صالح بن علي أبو عرَّاد